فقال: المصيبة بما لا تعلمه من الغلط أكثر منها في التفريط إلا تعلم أنا إذا أطلقنا لهم ما لهم قبل محله كان الفضل لنا عليهم فإذا اخرنا ذلك عنهم حتى استهل الشهر الاخر حضروا عند عارضهم وطالبوه فيعدهم فيحضرونه في اليوم الثاني فيعدهم ثم يحضرونه في اليوم الثالث ويبسطون ألسنتهم فتضيع المنة وتحصل الجرأة ونكون إلى الخسارة أقرب منا إلى الربح.
وكان لا يعول في الأمور إلا على الكفاءة ولا يجعل للشفاعات طريقا إلى معارضة من ليس من جنس الشافع ولا فيما يتعلق به.
حكي عنه ان مقدم جيشه أسفار من كردويه شفع في بعض أبناء العدول ليتقدم إلى القاضي ليسمع تزكيته ويعدله فقال ليس هذا من أشغالك انما الذي يتعلق بك الخطاب في زيادة قائد ونقل مرتبة جندي وما يتعلق بهم واما الشهادة وقبولها فهي إلى القاضي وليس لنا ولا لك الكلام فيه ومتى عرف القضاة من انسان ما يجوز معه قبول شهادته فعلوا ذلك بغير شفاعة.
وكان يخرج في ابتداء كل سنة شيئا كثيرا من الأموال للصدقة والبر في سائر بلاده ويأمر بتسليم ذلك إلى القضاة ووجوه الناس ليصرفوه إلى مستحقيه وكان يوصل إلى العمال المتعطلين ما يقوم بهم ويحاسبهم به إذا عملوا.
وكان محبا للعلوم وأهلها مقربا لهم محسنا إليهم وكان يجلس معهم ويعارضهم في المسائل فقصده العلماء من كل بلد وصنفوا له الكتاب ومنها الإيضاح في النحو، والحجة في القراءات، والملكي في الطب، والتاجي في