فلما اتفقوا مع الأرمن من رعية البلاد وأخذوا الحاج فقتلوا منهم كثيرا وأسروا وسبوا ونهبوا الأموال وجلوا ذلك أجمع إلى الروم، وطمع الأرمن في تلك البلاد فسمع نصر الدولة بن مروان الخبر فجمع العساكر وعزم على غزوهم فلما سمعوا ذلك ورأوا جده فيه راسله ملك السناسنة وبذل إعادة جميع ما أخذ أصحابه وإطلاق الأسرى والسبي فأجابهم إلى الصلح وعاد عنهم لحصانة قلاعهم وكثرة المضايق في بلادهم ولأنهم بالقرب من الروم فخاف أن يستنجدوهم ويمتنعوا بهم، فصالحهم.
ذكر الحرب بين المعز وزتانة في هذه السنة اجتمعت زناتة بإفريقية وزحفت في خيلها ورجلها يريدون مدينة المنصورة فلقيهم جيوش المعز بن باديس صاحبها بموضع يقال له الجفنة قريب من القيروان فاقتتلوا قتالا شديدا وانهزمت عساكر المعز ففارقت المعركة وهم على حامية ثم عاودوا القتال وحرض بعضهم بعضا فصبرت صنهاجة وانهزمت زناتة هزيمة قبيحة وقتل منهم عدد كثير وأسر خلق عظيم وتعرف هذه الوقعة بوقعة الجفنة وهي مشهورة لعظمها عندهم.