جريدة، وجد في السير، فأدركهم في العشرين من المحرم سنة اثنتين وسبعين [وثلاثمائة]، فتعبأ المسلمون للقتال واقتتلوا واشتدت الحرب بينهم فحمل طائفة من الفرنج على القلب والاعلام فشقوا العسكر ووصلوا إليها وقد تفرق كثير من المسلمين عن أميرهم واختل نظامهم فوصل الفرنج إليه فاصابته ضربه على أم رأسه فقتل معه جماعة من أعيان الناس وشجعانهم.
ثم إن المنهزمين من المسلمين رجعوا مصممين على القتال ليظفروا أو يموتوا واشتد حينئذ الأمر وعظم الخطب على الطائفتين فانهزم الفرنج أقبح هزيمة وقتل منهم نحو أربعة آلاف قتيل واسر من بطارقتهم كثير وتبعوهم إلى ان أدركهم الليل وغنموا من أموالهم كثيرا وأفلت ملك الفرنج هاربا ومعه رجل يهودي كان خصيصا به فوقف فرس الملك فقال له اليهودي اركب فرسي فان قتلت فأنت لولدي فركبه الملك وقتل اليهودي فنجا الملك إلى خيامه وبها زوجته وأصحابه فاخذهم وعاد إلى رومية.
ولما قتل الأمير أبو القاسم كان معه ابنه جابر فقام مقام أبيه ورحل المسلمين لوقتهم ولم يمكنهم من اتمام الغنيمة فتركوا كثيرا منها وسأله أصحابه ان يقيم إلى ان يجمع السلاح وغيره ويعمر به الخزائن فلم يفعل.
وكانت ولاية أبي القاسم على صقلية اثنتي عشرة سنة وخمسة أشهر وخمسة أيام وكان عادلا حسن السيرة كثير الشفقة على رعيته والاحسان