يمين الدولة بعد الوقعة إلى مدينة باري وهي من أحصن القلاع والبلاد وأقواها فرآها من سكانها خاليه وعلى عروشها خاوية.
فأمر بهدمها وتخريبها وعشر قلاع معها متناهية الحصانة وقتل من أهلها خلقا كثيرا وسار يطلب بيدا الملك فلحقه وقد نزل إلى جانب نهر وأجرى الماء من بين يديه فصار وحلا وترك عن يمينه وشماله طريقا يبسا يقاتل منه إذا أراد القتال، وكان عدة من معه ستة وخمسين ألف فارس ومائة ألف وأربعة وثمانين ألف راجل وسبعمائة وستة وأربعين فيلا. فأرسل يمين الدولة طائفة من عسكره للقتال فأخرج إليهم بيدا مثلهم، ولم يزل كل عسكر يمد أصحابه حتى كثر الجمعان واشتد الضرب والطعان فأدركهم الليل وحجز بينهم.
فلما كان الغد بكر يمين الدولة إليهم فرأى الديار منهم بلاقع وركب كل فرقة منهم طريقا مخالفا لطريق الأخرى ووجد خزائن الأموال والسلاح بحالها فغنموا الجميع، واقتفى آثار المنهزمين فلحقوهم في الغياض والآجام وأكثروا فيهم القتل والأسر ونجا بيدا فريدا وحيدا، وعاد يمين الدولة إلى غزنة منصورا.
ذكر عدة حوادث في هذه السنة قبض سلطان الدولة على وزيره ابن فسانجس وإخوته وولى وزارته ذا السعادتين أبا غالب الحسن بن منصور ومولده بسيراف سنة اثنتين وخمسين وثلاثمائة.