عسكرهم الذي يريدون الانتقال إليه وعصفت الرياح في بعض تلك الأيام وبعض قواد الموفق في الجانب الغربي لما كان يعبر له فانتهز الفاسق الفرصة في انفراد هذا القائد وانقطاعه عن أصحابه وامتناع دجلة بعصوف الريح من أن يرام عبورها فرمى القائد المقيم في غربي دجلة بجميع جيشه وكاثره برجاله ولم تجد الشذوات التي كانت تكون مع القائد الموجه سبيلا إلى الوقوف بحيث كانت تقف لحمل الرياح إياها على الحجارة وما خاف أصحابها عليها من التكسر فقوى الزنج على ذلك القائد وأصحابه فأزالوهم من موضعهم وأدركوا طائفة منهم فثبتوا فقتلوا عن آخرهم ولجأت طائفة إلى الماء فتبعهم الزنج فأسروا منهم أسارى وقتلوا منهم نفرا وأفلت أكثرهم وأدركوا سفنهم فألقوا أنفسهم فيها وعبروا إلى المدينة الموفقية فاشتد جزع الناس لما تهيأ للفسقة وعظم بذلك اهتمامهم وتأمل أبو أحمد فيما كان دبر من النزول في الجانب الغربي من دجلة أنه أكدى وما لا يؤمن من حيلة الفاسق وأصابه في انتهاز فرصة فيوقع بالعسكر بياتا أو يجد مساغا إلى شئ مما يكون له فيه متنفس لكثرة الأدغال في ذلك الموضع وصعوبة المسالك وأن الزنج على التوغل إلى المواضع الوحشة أقدر وهو عليهم أسهل من أصحابه فانصرف عن رأيه في نزول غربي دجلة وجعل قصده لهم سور الفاسق وتوسعة الطرق والمسالك منها لأصحابه فأمر عند ذلك ان يبدأ بهدم السور مما يلي النهر المعروف بمنكى فكان تدبير الخبيث في ذلك توجيه ابنه المعروف بانكلاى وعلي بن ابان وسليمان بن جامع للمنع من ذلك كل واحد منهم في نوبته في ذلك اليوم فإذا كثر عليهم أصحاب الموفق اجتمعوا جميعا لمدافعة من يأتيهم فلما رأى الموفق تحاشد الخبثاء وتعاونهم على المنع من الهدم للسور أزمع على مباشرة ذلك وحضوره ليستدعى به جد أصحابه واجتهادهم ويزيد في عنايتهم ومجاهدتهم ففعل ذلك واتصلت الحرب وغلظت على الفريقين وكثر القتلى والجراح في الحزبين كليهما فأقام الموفق أياما يغادى الفسقة ويراوحهم فكانوا لا يفترون من الحرب في يوم من الأيام وكان أصحاب أبي أحمد لا يستطيعون الولوج على الخبثة لقنطرتين كانتا على نهر
(١٠٤)