رومي كان مع الفاسق يقال له قرطاس فأصابه في صدره وذلك في يوم الاثنين لخمس بقين من جمادى الأولى سنة 296 فستر الموفق ما ناله من ذلك السهم وانصرف إلى المدينة مع الموفقية فعولج في ليلته تلك من جراحته وبات ثم عاد إلى الحرب على ما به من ألم الجراح ليشد بذلك قلوب أوليائه من أن يدخلها وهم أو ضعف فزاد ما حمل نفسه عليه من الحركة في قوة علته فغلظت وعظم أمرها حتى خيف عليه واحتاج إلى علاجه بأعظم ما يعالج به الجراح واضطرب لذلك العسكر والجند والرعية وخافوا قوة الفاسق عليهم حتى خرج عن مدينته جماعة ممن كان مقيما بها لما وصل إلى قلوبهم من الرهبة وحدثت في حال صعوبة العلة عليه حادثة في سلطانه فأشار عليه مشيرون من أصحابه وثقاته بالرحلة عن معسكره إلى مدينة السلام ويخلف من يقوم مقامه فأبى ذلك وخاف أن يكون فيه ائتلاف ما قد تفرق من شمل الخبيث فأقام على صعوبة علته عليه وغلظ الامر الحادث في سلطانه فمن الله بعافيته وظهر لقواده وخاصته وقد كان أطال الاحتجاب عنهم فقويت بذلك منتهم وأقام متماثلا مودعا نفسه إلى شعبان من هذه السنة فلما أبل وقوى على النهوض لحرب الفاسق تيقظ لذلك وعاود ما كان مواظبا عليه من الحرب وجعل الخبيث لما صح عنده الخبر عما أصاب أبا أحمد يعد أصحابه العدات ويمنيهم الأماني الكاذبة وجعل يحلف على منبره بعد ما اتصل به الخبر بظهور أبى أحمد وركوبه الشذا أن ذلك باطل لا أصل له وأن الذي رأوه في الشذا مثال موه لهم وشبه لهم (وفيها) في يوم السبت للنصف من جمادى الأولى شخص المعتمد يريد اللحاق بمصر وأقام يتصيد بالكحيل وقدم صاعد ابن مخلد من عند أبي أحمد ثم شخص إلى سامرا في جماعة من القواد في جمادى الآخرة وقدم قائدان لابن طولون يقال لأحدهما أحمد بن جيغويه وللآخر محمد بن عباس الكلابي الرقة فلما صار المعتمد إلى عمل إسحاق بن كنداج وكان العامل على الموصل وعامة الجزيرة وثب ابن كنداج بمن شخص مع المعتمد من سامرا يريد مصر وهم تينك وأحمد بن خاقان وخطارمش فقيدهم وأخذ أموالهم ودوابهم ورقيقهم وكان قد كتب إليه بالقبض عليهم وعلى المعتمد وأقطع إسحاق بن كنداج
(١٠٧)