أعاد القنطرة التي كانت شذوات نصير لحجت فيها وزاد فيها ما ظن أنه قد أحكمها ونصب دونها إذ قال ساج وصل بعضها ببعض وألبسها الحديد وسكر أمام ذلك سكرا بالحجارة ليضيق المدخل على الشذا وتحتد جرية الماء في النهر المعروف بأبي الخصيب فيهاب الناس دخوله فندب الموفق قائدين من قواد غلمانه في أربعة آلاف من الغلمان وأمرهما أن يأتيا نهر أبى الخصيب فيكون أحدهما في شرقيه والآخر في غربيه حتى يوافيا القنطرة التي أصلحها الفاجر وما عمل في وجهها من السكر فيحاربا أصحاب الخبيث حتى يجلياهم عن القنطرة وأعد معهما النجارين والفعلة لقطع القنطرة والبدود التي كانت جعلت أمامها وأمر بإعداد سفن محشوة بالقصب المصبوب عليه النفط لتدخل ذلك النهر المعروف بأبي الخصيب وتضرم نارا لتحترق بها القنطرة في وقت المد فركب الموفق في هذا اليوم في الجيش حتى وافى فوهة نهر أبى الخصيب وأمر باخراج المقاتلة في عدة مواضع من أعلى عسكر الخبيث وأسفله ليشغلهم بذلك عن التعاون على المنع عن القنطرة وتقدم القائدان في أصحابهما وتلقاهما أصحاب الخائن من الزنج وغيرهم يقودهم ابنه انكلاى وعلي بن أبان المهلبي وسليمان بن جامع فاشتبكت الحرب بين الفريقين ودامت وقاتل الفسقة أشد قتال محاماة عن القنطرة وعلموا ما عليهم في قطعها من الضرر وأن الوصول إلى ما بعدها من الجسرين العظيمين اللذين كان الخبيث اتخذهما على نهر أبى الخصيب سهل مرامه فكثر القتل والجراح بين الفريقين واتصلت الحرب إلى وقت صلاة العصر ثم إن غلمان الموفق أزالوا الفسقة عن القنطرة وجاوزوها فقطعها النجارون والفعلة ونقضوها وما كان اتخذ من البدود التي ذكرناها وكان الفاسق أحكم أمر هذه القنطرة والبدود إحكاما تعذر على الفعلة والنجارين الاسراع في قطعها فأمر الموفق عند ذلك بادخال السفن التي فيها القصب والنفط وضربها بالنار وإرسالها مع الماء ففعل ذلك فوافت السفن القنطرة فأحرقتها ووصل النجارون إلى ما أرادوا من قطع البدود فقطعوها وأمكن أصحاب الشذا دخول النهر فدخلوه
(١١٥)