الدار التي كان صاحب الزنج اتخذها للجبائي فهدمها وانتهب ما كان فيها وفى خزائن الفاسق كانت متصلة بها وأمر أصحابه بالقصد إلى الموضع الذي كان الخبيث اتخذ فيه بناء سماه مسجد الجامع فاشتدت محاماة الفسقة عن ذلك والذب عنه بما كان الخبيث يحضهم عليه ويوهمهم أنه يجب عليهم من نصرة المسجد وتعظيمه فيصدقون قوله في ذلك ويتبعون فيه رأيه وصعب على أصحاب الموفق ما كانوا يرومون من ذلك وتطاولت الأيام بالحرب على ذلك الموضع والذي حصل مع الفاسق يومئذ نخبة أصحابه وأبطالهم والموطنون أنفسهم على الصبر معه فحاموا جهدهم حتى لقد كانوا يقفون الموقف فيصيب أحدهم السهم أو الطعنة أو الضربة فيسقط فيجذبه الذي إلى جنبه ويقف موقفه إشفاقا من أن يخلو موقف رجل منهم فيدخل الخلل على سائر أصحابه فلما رأى أبو أحمد صبر هذه العصابة ومحاماتها وتطاول الأيام بمدافعتها أمر أبا العباس بالقصد لركن البناء الذي سماها الخبيث مسجدا وأن يندب لذلك أنجاد أصحابه وغلمانه وأضاف إليهم الفعلة الذين كانوا أعدوا للهدم فإذا تهيأ لهم هدم شئ أسرعوا فيه وأمر بوضع السلاليم على السور فوضعوها وصعد الرماة فجعلوا يرشقون بالسهام من وراء السور من الفسقة ونظم الرجال من حد الدار المعروفة بالجبائي إلى الموضع الذي رتب فيه أبا العباس وبذل الموفق الأموال والأطوقة والأسورة لمن سارع إلى هدم سور الفاسق وأسواقه ودور أصحابه فتسهل ما كان يصعب بعد محاربة طويلة وشدة فهدم البناء الذي كان الخبيث سماه مسجدا ووصل إلى منبره فاحتمل فأتى به الموفق وانصرف به إلى مدينته الموفقية جذلا مسرورا ثم عاد الموفق لهدم السور فهدمه من حد الدار المعروفة بانكلاى إلى الدار المعروفة بالجبائي وأفضى أصحاب الموفق إلى دواوين من دواوين الخبيث وخزائن من خزائنه فانتهبت وأحرقت وكان ذلك في يوم ذي ضباب شديد قد ستر بعض الناس عن بعض فما يكاد الرجل يبصره صاحبه فظهر في هذا اليوم للموفق تباشير الفتح فإنهم لعلى ذلك حتى وصل سهم من سهام الفسقة إلى الموفق رماه به غلام
(١٠٦)