في زهاء خمسين ألف رجل أو يزيدون والفاسق يومئذ في زهاء ثلثمائة ألف انسان كلهم يقاتل أو يدافع فمن ضارب بسيف وطاعن برمح ورام بقوس وقاذف بمقلاع ورام بعرادة أو منجنيق وأضعفهم أمر الرماة بالحجارة عن أيديهم وهم النظارة المكثرون السواد والمعتنون بالنعير والصياح والنساء يشركهم في ذلك فأقام أبو أحمد في هذا اليوم بإزاء عسكر الفاسق إلى أن أضحى وأمر فنودي ان الأمان مبسوط للناس أسودهم وأحمرهم الا الخبيث وأمر بسهام فعلقت فيها رقاع مكتوب فيها من الأمان مثل الذي نودي به ووعد الناس فيها الاحسان ورمى بها إلى عسكر الخبيث فمالت إليه قلوب أصحاب المارق بالرهبة والطمع فيما وعدهم من احسانه وعفوه فأتاه في ذلك اليوم جمع كثير يحملهم الشذا إليه فوصلهم وحباهم ثم انصرف إلى معسكره بنهر جطى ولم يكن في هذا اليوم حرب وقدم عليه قائدان من مواليه أحدهما بكتمر والآخر جعفر بن يعلا عز في جمع من أصحابهما فكان ورودهما زائدا في قوة من مع أبي أحمد ورحل أبو أحمد عن نهر جطى إلى معسكر قد كان تقدم في اصلاحه وعقد القناطر على أنهاره وقطع النهر ليوسعه بفرات البصرة بإزاء مدينة الفاسق فكان نزوله هذا المعسكر في يوم الأحد للنصف من شعبان سنة 267 وأوطن هذا المعسكر وأقام به ورتب قواده ورؤساء أصحابه مراتبهم فيه فجعل نصيرا صاحب الشذا والسميريات في جيشه في أول العسكر آخره بالموضع الموازى النهر المعروف بجوى كور وجعل زيرك التركي صاحب مقدمة أبى العباس في أصحابه موازيا ما بين نهر أبى الخصيب وهو النهر الموسوم بنهر الأتراك والنهر المعروف بالمغيرة ثم تلاه يعلى بن جهستار حاجبه في جيشه وكانت مضارب أبى أحمد وابنيه حيال الموضع المعروف بدير جابيل وأنزل راشدا مولاه في مواليه وغلمانه الأتراك والخزر والروم والديالمة والطبرية والمغاربة والزنج على النهر المعروف بهطمة وجعل صاعد بن مخلد وزيره في جيشه من الموالى والغلمان فويق عسكر راشد وأنزل مسرورا
(٧٨)