بنى إسماعيل غير بعيد من الحق وذلك أنهم لم يكونوا يؤرخون على أمر معروف يعمل به عامتهم وإنما كان المؤرخ منهم يؤرخ بزمان قحمة كانت في ناحية من نواحي بلادهم ولزبة أصابتهم أو بالعامل كان يكون عليهم أو الامر الحادث فيهم ينتشر خبره عندهم يدل على ذلك اختلاف شعرائهم في تأريخاتهم ولو كان لهم تأريخ على أمر معروف وأصل معمول عليه لم يختلف ذلك منهم ومن ذلك قول الربيع بن ضبع الفزاري هانذا آمل الخلود وقد * أدرك عقلي ومولدي حجرا أبا امرئ القيس هل سمعت به * هيهات هيهات طال ذا عمرا فأرخ عمر بحجر بن عمره وأبى امرئ القيس وقال نابغة بن جعدة فمن يك سائلا عنى فانى * من الشبان أزمان الخنان فجعل النابغة تأريخ ما أرخ بزمان علة كانت فيهم عامة وقال آخر وما هي إلا في إزار وعلقة * مغار بن همام على حبى خثعما فكل واحد من هؤلاء الذين ذكرت تأريخهم في هذه الأبيات أرخ على قرب زمان بعضهم من بعض وقرب وقت ما أرخ به من وقت الاخر بغير المعنى الذي أرخ الاخر ولو كان لهم تأريخ معروف كما للمسلمين اليوم ولسائر الأمم غيرها كانوا إن شاء الله لا يتعدونه ولكن الامر في ذلك كان عندهم إن شاء الله على ما ذكرت فأما قريش من بين العرب فإن آخر ما حصلت من تأريخها قبل هجرة النبي صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة على التأريخ بعام الفيل وذلك عام ولد رسول الله صلى الله وكان بين عام الفيل والفجار عشرون سنة وبين الفجار وبناء الكعبة خمس عشرة سنة وبين بناء الكعبة ومبعث النبي صلى الله عليه وسلم خمس سنين (قال أبو جعفر) وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن أربعين سنة وقرن بنبوته كما قال الشعبي ثلاث سنين إسرافيل وذلك قبل أن يؤمر بالدعاء وإظهاره على ما قد قدمنا الرواية والاخبار به ثم قرن بنبوته جبريل عليه السلام بعد السنين الثلاث وأمره بإظهار الدعوة إلى الله فأظهرها ودعا إلى الله مقيما بمكة
(١١٣)