وهو يقول اللهم لم ترع اللهم لا نريد إلا الخير ثم هدم من ناحية الركنين فتربص الناس به تلك الليلة وقالوا ننظر فإن أصيب لم نهدم منها شيئا ورددناها كما كانت وإن لم يصبه شئ فقد رضى الله ما صنعنا هدمنا فأصبح الوليد من ليلته غاديا على عمله فهدم والناس معه حتى انتهى الهدم إلى الأساس فأفضوا إلى حجارة خضر كأنها أسنة آخذ بعضها ببعض * حدثنا ابن حميد قال حدثنا سلمة قال حدثنا محمد ابن إسحاق عن بعض من يروى الحديث أن رجلا من قريش ممن كان يهدمها أدخل عتلة بين حجرين منها ليقلع بها أحدهما فلما تحرك الحجر انتقضت مكة بأسرها فانتهوا عند ذلك إلى الأساس قال ثم إن القبائل جمعت الحجارة لبنائها جعلت كل قبيلة تجمع على حدتها ثم بنوا حتى إذا بلغ البنيان موضع الركن اختصموا فيه كل قبيلة تريد أن ترفعه إلى موضعه دون الأخرى حتى تحاوزوا وتحالفوا وتواعدوا للقتال فقربت بنو عبد الدار جفنة مملوءة دما ثم تعاقدوا هم وبنو عدى بن كعب على الموت وأدخلوا أيديهم في ذلك الدم في الجفنة فسموا لعقة الدم بذلك فمكثت قريش أربع ليال أو خمس ليال على ذلك ثم إنهم اجتمعوا في المسجد فتشاوروا وتناصفوا فزعم بعض الرواة أن أبا أمية بن المغيرة كان عامئذ أسن قريش كلها قال يا معشر قريش اجعلوا بينكم فيما تختلفون فيه أول من يدخل من باب هذا المسجد يقضى بينكم فيه فكان أول من دخل عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رأوه قالوا هذا الأمين قد رضينا به هذا محمد فلما انتهى إليهم وأخبروه الخبر قال هلم لي ثوبا فأتى به فأخذ الركن فوضعه فيه بيده ثم قال لتأخذ كل قبيلة بناحية من الثوب ثم ارفعوه جميعا ففعلوا حتى إذا بلغوا به موضعه وضعه بيده ثم بنى عليه وكانت قريش تسمى رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن ينزل عليه الوحي الأمين (قال أبو جعفر) وكان بناء قريش الكعبة بعد الفجار بخمس عشرة سنة وكان بين عام الفيل وعام الفجار عشرون سنة * واختلف السلف في سن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين نبي كم كانت فقال بعضهم نبي رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ما بنت قريش الكعبة بخمس سنين وبعد ما تمت له من مولده أربعون سنة
(٤١)