التذكرة الاعتراف به، إلا أنك قد عرفت سابقا في الوديعة أنه ليس في شئ من النصوص تعليق الحكم وجودا وعدما على العذر كي يكون المدار عليه، ويتجه القول بأنه عذر عقلي وشرعي وعرفي وإن من الأخير التشاغل باتمام الحمام، والطعام، والنافلة، وانتظار انقطاع المطر ونحو ذلك أولا حتى اضطرب كلام بعضهم فيها، فحكم هنا به بأنها أعذار دون الوديعة التي تناسب السهولة فيها.
بل هي أولى بعد مثل ذلك فيها عذرا باعتبار اختصاص المصلحة فيها للمالك، بخلاف الوكيل الذي يمكن أن يكون له جعل، وظاهرهم المفروغية من عذرية الواجب الشرعي وإن استلزم ذلك طول التأخير، كالحج الواجب، والاعتكاف المنذور ونحوها، إلا أنه لا يخفى عليك ما في الجميع بعد ما عرفت من خلو الأدلة عن العنوان المزبور.
فالمتجه حينئذ المحافظة على صدق الفورية العرفية في الأداء التي لا ينافيها إتمام بعض الأعمال، ولا عدم الاسراع في المشي مثلا، وعلى الترجيح عند التعارض مع الواجبات المنافية لذلك، كما أوضحنا ذلك في كتاب الوديعة.
بل إن لم يكن ثم اجماع اتجه القول بالضمان مع التأخير المنافي للفور عرفا، لعذر شرعي لأصالة الضمان في مال المسلم المحترم كدمه، أو لقاعدة على اليد التي لا ينافيها عدم الإثم في الامتناع، وإن انفسخت الوكالة والوديعة.
وليس في الأدلة ما يقتضي عدم الضمان في كل ما أذن شرعا ببقائه في يده على وجه يشمل القرض، وقد أشرنا سابقا إلى احتمال الضمان مع تصديق الوكيل، وإن جاز له التأخير لعدم البينة كما أنه محتمل أيضا في التأخير لإرادة الاشهاد فتأمل جيدا فإنه يمكن القول بأن المفروض من الأمانة الشرعية التي لا تندرج في العموم المزبور، باعتبار عدم صدق الأخذ على الاستدامة، نحو وقوع الثوب في اليد بإطارة الريح ونحوه فيبقى أصل البراءة سالما كما أشرنا إليه سابقا في نظائر المقام، بعد منع أصالة الضمان الذي حصروا أسبابه في أسباب مخصوصة والله العالم.