الضمان قولان:
أحدهما: العدم كما عن التذكرة، لأنه لم يمسكها لنفسه، ولم يقر يده عليها بغير رضا المالك، حيث لم يطلبها ومجرد السؤال لا يبطل الوديعة، ولا يرفع الأمانة بخلاف الطلب.
والثاني ثبوته لأن جحوده يقتضي كون يده ليست عن المالك، لأن نفي الملزوم يقتضي نفي لازمه من حيث هو لازمه، فلا يكون أمينا عنه، فيضمن كما عن الفخر والكركي، وقد عرفت فيما مضى قوته، وأنه لذلك يكون غاصبا، ولو أظهر بجحوده عذرا بنسيان ونحوه لم يضمن إن صدقه المالك، وإلا ضمن عملا بظاهر الحال، وأصالة عدم النسيان، وستسمع في المسألة السابعة في اللواحق ما يؤكد ذلك.
نعم لو كان الجحود لمصلحة الوديعة بأن يقصد به دفع ظالم أو متغلب ونحو ذلك لم يضمن، ضرورة بقاء يده على الأمانة، وزيادة الاحسان في الفرض والله العالم.
{ويضمن لو خلطها بماله بحيث لا يتميز} بلا خلاف أجده، للتعدي بالتصرف الذي لا إذن فيه، سواء كان بأجود أو مساو أو أردى، بل لو خلطها بمال للمودع كذلك ضمن أيضا، سواء كان وديعة أيضا عنده أو أمانة أو غصبا، ومنه يعلم أن سبب الضمان العدوان، لا الشركة.
نعم في المسالك وغيرها عدم الضمان مع تمييز المالين إن لم يستلزم المزج تصرفا آخر غير المزج منهيا عنه (1)، كما لو كان المال في كيس مختوم ونحو ذلك، فالضمان المنفي على تقدير الامتياز من حيث المزج، وإن أوجبنا الضمان من حيثية أخرى ولعله كذلك، للأصل، إن لم نقل بتحقيق العدوان في نفس الخلط والمزج، باعتبار كونه تصرفا في الوديعة غير ما هو نائب فيه، ولا من مقدماته، وإلا ففيه إشكال.
{وكذا يضمن لو أودعه مالا في كيس مختوم} أو في صندوق مقفل أو مدفونا {ففتح ختمه} وقفله ونبشه وإن لم يكن بقصد أخذ شئ منه، وكذا ما أشبه الختم في الدلالة على قصد المالك الاخفاء كالخياطة ونحوها.