{وإن لم يمكن تمييزهما} ولو بالقسمة الاجبارية {وجب إعادتهما على الغاصب} عند الأصحاب على ما نسبه إليهم غير واحد، بل عن الغنية والسرائر الاجماع عليه، تقديما لاحترام المال المعلوم مالكه، على غيره الذي لا يمكن معرفته ليرد على صاحبه.
لكن في المسالك وتبعه عليه غيره " إن الأوفق بالقواعد رده على الحاكم مع إمكانه، ليقسمه ويرد على الغاصب ماله، ومع تعذره يحتمل قويا جواز تولي الودعي القسمة إن كان مثليا، وقدر حق الغاصب معلوما، جمعا بين الحقين، والقسمة هنا إجبارية، للضرورة، تنزيلا للودعي منزلة المالك، حيت قد تعلق بضمانه، وللحسبة، ولو امتزج على وجه لا يعلم القدر أصلا ففيه إشكال، ويتوجه حينئذ ما أطلقه الأصحاب إن لم يمكن مدافعة الغاصب على وجه يمكن معه الاطلاع على الحق، ويحتمل عدم جواز الرد مطلقا مع امكانه، إلى أن يعترف الغاصب بقدر معين، أو يقاسم لاستحالة ترجيح حقه على حق المغصوب منه، مع تعلق الودعي بالحقين ".
قلت: لعل المتجه أولا قيام عدول المؤمنين مقام الحاكم مع تعذره، ووكيله، فإن تعذروا فالودعي أو غيره ممن يقوم مقامهم في الحسب، كما أن المتجه الرجوع إلى حاكم في صورة عدم العلم بالقدر، بل لعلها أولى من الأولى التي يمكن دعوى خروجها عن موضوع كلام الأصحاب، المفروض فيه عدم إمكان التمييز حتى بالقسمة بعدم العلم بالقدر، وربما يكون المتجه حينئذ ضمان الغاصب له بالمثل أو القيمة أو الرجوع إلى الصلح معه من الحاكم أو من يقوم مقامه مع تعذر المالك، وحينئذ يكون هو الوجه في الأمر برد الجميع على المالك، مضافا إلى الاجماع المزبور.