من وقت الجحود والعزم غاصب " ووافقه عليه غيره، مع أنك ستسمع في الضمان بالجحود ما يؤكد ذلك.
كما أنه مما ذكرنا ظهر لك الفرق بين نية الانتفاع بمعنى العزم عليها فيما يأتي من غير تغيير في استدامة القبض عن المالك، وبينها مع التغيير المزبور، وبه يجمع بين كلام الفاضل في الغصب الذي سمعته، وكلامه هنا، وهو " لو نوى الأخذ للانتفاع ولم يأخذ به لم يضمن، بخلاف الملتقط الضامن بمجرد النية، لأن سبب أمانته مجرد النية، وكذا أي يضمن لو جدد الامساك لنفسه، أو نوى بالأخذ من المالك الانتفاع ".
ولعله أولى مما ذكره الشهيد في المحكي عن حواشيه من الجمع بينهما إن لم يرد ما قلناه، فلاحظ وتأمل فيه، بل وفي ما ذكره الفاضل من الفرق بين اللقطة والوديعة، والأمر سهل بعد معرفة التحقيق في أصل المسألة.
{و} على كل حال ف {لو طلبت منه فامتنع من الرد} في أول أوقات الامكان الذي هو بمعنى التمكين منها {مع القدرة} عقلا وشرعا وعرفا على الوجه الذي تقدم سابقا {ضمن} لانقطاع الإذن بالاستنابة في حفظها، وتغيير يد الائتمان حينئذ بيد العدوان كما عرفته فيما مضى مفصلا.
{وكذا} يضمنها {لو جحدها} بعد طلبه منها {ثم قامت عليه بينة أو اعترف بها} لما عرفت من انقطاع الإذن ببقائها بالطلب، فهي حينئذ في يده مضمونة عليه، مضافا إلى خيانته بجحوده، ولو جحدها ابتداء أو عند سؤال غيره ففي المسالك " لم يضمن لأن الوديعة مبنية على الاخفاء فانكاره لها بغير طلب يوجب الرد أقرب إلى الحفظ وهو كذلك مع العلم بأن جحوده لها لذلك.
أما إذا علم كونه لإرادة غصبها فالمتجه الضمان، لانقطاع قبولها وديعة حينئذ بل قد يقال بذلك بجحوده الذي لا يعلم حاله، أخذا بظاهره، إلا أن أصالة البراءة واستصحاب الأمانة وغيرهما يقتضي العدم، ولعله الأقوى.
ولو لم يطلبها المالك، لكن سأله عنها أو قال: لي عندك وديعة، فأنكر، ففي