الضرورة والإذن أنه لا يجوز السفر بها حينئذ، وهو كذلك، لأن الإذن مع الاطلاق إنما يتناول الحفظ في الحضر عملا بالعادة، ولأن السفر لا يخلو من خطر في الجملة، وللخبر إلى آخره " والخبر هو قوله عليه السلام (1) " إن المسافر وماله لعلى تلف إلا ما وقى الله " لكن هل يجب عليه الإقامة حينئذ مع عدم كون السفر ضروريا له، أو يجوز له السفر بها ضامنا لها والمحكي عن التذكرة بل والتحرير التخيير بين الأمرين الإقامة، أو السفر بها ضامنا لها.
قلت: قد يقال: إن المتجه الأول للمقدمة، وإليه يرجع ما في المسالك حيث أنه بعد أن حكى عن التذكرة ما سمعت، قال: " والأجود المنع لكن الانصاف أنه ينبغي التقييد بما إذا لم يتمكن من حفظها في محلها وإن سافر عنها، على وجه لا يعد كونه مفرطا فيها ومضيعا لها، وإلا جاز له السفر مع ذلك، بل قد يقال: بأن له مصاحبتها في سفره حافظا لها مع فرض عدم امكان حفظها مع السفر عنها، ولا تجب الإقامة معها، ولا ضمان عليه إذا لسفر إن لم يكن ضروريا له، حال ضرورة تجوز له مصاحبتها، كما جوزت له إيداعها من الثقة الذي قد عرفت عدم جوازه إلا مع الإذن أو الضرورة التي منها إرادة السفر وإن لم يكن ضروريا، فتأمل.
ومن ذلك يعلم أنه لو فرض كون السفر ضروريا له أو ضروريا لها سافر بها حينئذ، ولا ضمان عليه قال في التذكرة: " لو اضطر إلى السفر بالوديعة بأن يضطر إلى السفر وليس في البلد حاكم ولا ثقة، ولم يجد المالك ولا وكيله، أو اتفق جلاء لأهل البلد، أو وقع حريق أو غارة أو نهب، ولم يجد المالك ولا وكيله ولا الحاكم ولا العدل، سافر بها ولا ضمان إجماعا، لأن حفظها حينئذ في السفر بها، والحفظ واجب، فإذا لا يتم إلا بالسفر بها كان السفر واجبا، ولا نعلم فيه خلافا ".
وفي محكي المبسوط إذا كان البلد مخوفا بفزع من النهب والحريق فله أن يسافر بها، ولا ضمان عليه بلا خلاف.