أيام عثمان فأرسل إليها عبد الله بن عامر ففتحها ثانية وأصابها الغز في سنة 548 بمصيبة عظيمة حيث أسروا الملك سنجر وملكوا أكثر خراسان وقدموا نيسابور وقتلوا كل من وجدوا واستصفوا أموالهم حتى لم يبق فيها من يعرف وخربوها وأحرقوها ثم اختلفوا فهلكوا واستولى عليها المؤيد أحد مماليك سنجر فنقل الناس إلى محلة منها يقال لها شاذياخ وعمرها وسورها وتقلبت بها أحوال حتى عادت أعمر بلاد الله وأحسنها وأكثرها خيرا وأهلا وأموالا لأنها دهليز المشرق ولا بد للقفول من ورودها، وبقيت على ذلك إلى سنة 618، خرج من وراء النهر الكفار من الترك المسمون بالتتر واستولوا على بلاد خراسان وهرب منهم محمد ابن تكش بن ألب أرسلان خوارزم شاه وكان سلطان المشرق كله إلى باب همذان وتبعوه حتى أفضى به الامر إلى أن مات طريدا بطبرستان في قصة طويلة، واجتمع أكثر أهل خرسان والغرباء بنيسابور وحصنوها بجدهم فنزل عليها قوم من هؤلاء الكفار فامتنعت عليهم ثم خرج مقدم الكفار يوما ودنا من السور فرشقه رجل من نيسابور بسهم فقتله فجرى الأتراك خيولهم وانصرفوا إلى ملكهم الأعظم الذي يقال له جنكزخان فجاء بنفسه حتى نزل عليها وكان المقتول زوج ابنته فنازلها وجد في قتال من بها فزعم قوم أن علويا كان متقدما على أحد أبوابها راسل الكفار يستلزم منهم على تسليم البلد ويشرط عليهم أنهم إذا فتحوه جعلوه متقدما فيه، فأجابوه إلى ذلك ففتح لهم الباب وأدخلهم فأول من قتلوا العلوي ومن معه، وقيل:
بل نصبوا عليها المناجيق وغيرها حتى أخذوها عنوة ودخلوا إليها دخول حنق يطلب النفس والمال فقتلوا كل من كان فيها من كبير وصغير وامرأة وصبي ثم خربوها حتى ألحقوها بالأرض وجمعوا عليها جموع الرستاق حتى حفروها لاستخراج الدفائن، فبلغني أنه لم يبق بها حائط قائم، وتركوها ومضوا فجاء قوم من قبل خوارزم شاه فأقاموا بها يسبرون الدفائن فأذهبوها مرة، فإنا لله وإنا إليه راجعون، من مصيبة ما دهى الاسلام قط مثلها، وقال أبو يعلى محمد بن الهبارية: أنشدني القاضي أبو الحسن الاستراباذي لنفسه فقال:
لا قدس الله نيسابور من بلد * سوق النفاق بمغناها على ساق يموت فيها الفتى جوعا وبرهم * والفضل ما شئت من خير وأرزاق والحبر في معدن الغرثي، وإن برقت * أنواره في المعاني، غير براق وقال المرادي يذم أهلها:
لا تنزلن بنيسابور مغتربا * إلا وحبلك موصول بسلطان أو لا فلا أدب يجدي ولا حسب * يغني ولا حرمة ترعى لإنسان وقال أبو العباس الزوزني المعروف بالمأموني:
ليس في الأرض مثل نيسابور بلد طيب ورب غفور وقد خرج منها من أئمة العلم من لا يحصى، منهم:
الحافظ الإمام أبو علي الحسين بن علي بن زيد ابن داود بن يزيد النيسابوري الصائغ، رحل في طلب العلم والحديث وطاف وجمع فيه وصنف وسمع الكثير من أبي بكر بن خزيمة وعبدان الجواليقي وأبي يعلى الموصلي وأحمد بن نصر الحافظ والحسن بن سفيان وإبراهيم بن يوسف الهسنجاني وأبي خليفة وزكرياء الساجي وغيرهم، وكتب عنه أبو الحسن