قرع يكون هناك وورقه السادج الهندي، وإليها تنسب أصناف العود والكافور واللبان والقتار، وأصل العود نبت في جزائر وراء خط الاستواء، وما وصل إلى منابته أحد ولم يعلم أحد كيف نباته وكيف شجره ولا يصف انسان شكل ورق العود وإنما يأتي به الماء إلى جانب الشمال، فما انقلع وجاء إلى الساحل فأخذ رطبا بكله وبقامرون أو في بلد الفلفل أو بالصنف أو بقماريان أو بغيرها من السواحل بقي إذا أصابته الريح الشمال رطبا أبدا لا يتحرك عن رطبه، وهو المعروف بالقامروني المندلي، وما جف في البحر ورمي يابسا فهو الهندي المصمت الثقيل ومحنته أن ينال منه بالمبرد ويلقى على الماء فإن لم ترسب برداته فليس بمختار وإن رسبت فهو الخالص الذي ما بعده غاية، وما جف منه في مواضعه ونخر في البحر فهو القماري، وما نخر في مواضعه وحمله البحر نخرا فهو الصنفي، وملوك هذه المرافئ يأخذون ممن يجمع العود من السواحل ومن البحر العشر، وأما الكافور فهو في لحف جبل بين هذه المدينة وبين مندورقين مطل على البحر وهو لب شجر يشق فيوجد الكافور كامنا فيه فربما وجد مائعا وربما كان جامدا لأنه صمغ يكون في لب هذا الشجر، وبها شئ من الاهليلج قليل والكابلي أجود منه لان كابل بعيدة من البحر، وجميع أصناف الاهليلج بها وكل شجر مما نثرته الريح فجا غير نضيج فهو الأصفر، وهو حامض بارد، وما بلغ وقطف في أوان إدراكه فهو الكابلي، وهو حلو حار، وما ترك في شجرة في أيام الشتاء حتى يسود فهو الأسود مر حار، وبها معدن كبريت اصفر ومعدن نحاس يخرج من دخانه توتيا جيد، وجميع أصناف التوتيا كلها من دخان النحاس إلا الهندي فإنه كما ذكرنا يخرج من دخان الرصاص القلعي، وماء هذه المدينة وماء مندورقين من الصهاريج المختزن فيها من مياه الأمطار، ولا زرع فيها إلا القرع الذي فيه الرواند فإنه يزرع بين الشوك، وكذلك أيضا بطيخهم عزيز جدا، وبها قنبيل يقع من السماء ويجمع بأخثاء البقر والعربي أجود منه، وسرت من مدن السواحل إلى الملتان، وهي آخر مدن الهند مما يلي الصين وأولها مما يلينا وتلي أرض السند، وهي مدينة عظيمة جليلة القدر عند أهل الهند والصين لأنها بيت حجهم ودار عبادتهم مثل مكة عند المسلمين وبيت المقدس عند اليهود والنصارى، وبها القبة العظمى والبلد الأكبر، وهذه القبة سمكها في السماء ثلاثمائة ذراع وطول الصنم في جوفها مائة ذراع، وبين رأسه وبين القبة مائة ذراع، وبين رجليه وبين الأرض مائة ذراع، وهو معلق من جوفها لا بقائمة من أسفله يدعم عليها ولا بعلاقة من أعلاه تمسكه، قلت:
هذا هو الكذب الصراح لان هذا الصنم ذكره المدائني في فتوح الهند والسند وذكر أن طوله عشرون ذراعا، قال أبو دلف: البلد في يد يحيى بن محمد الأموي هو صاحب المنصورة أيضا والسند كله في يده، والدولة بالملتان للمسلمين وملاك عقرها ولد عمر بن علي بن أبي طالب، والمسجد الجامع مصاقب لهذه القبة، والإسلام بها ظاهر والامر بالمعروف والنهي عن المنكر بها شامل، وخرجت منها إلى المنصورة، وهي قصبة السند، والخليفة الأموي مقيم بها يخطب لنفسه ويقيم الحدود ويملك السند كله بره وبحره، ومنها إلى البحر خمسون فرسخا، وبساحلها مدينة الديبل، وخرجت من المنصورة إلى بغانين، وهو بلد واسع يؤدي أهله الخراج إلى الأموي وإلى صاحب بيت الذهب، وهو بيت من ذهب في صحراء تكون أربعة فراسخ ولا يقع عليها الثلج ما حولها،