الدارصيني حر لا مالك له، ولباسهم لباس كله إلا أنهم يتزينون في أعيادهم بالحبر اليمانية، ويعظمون من النجوم قلب الأسد، ولهم بيت رصد وحساب محكم ومعرفة بالنجوم كاملة، وتعلم الأوهام في طباعهم، ومنها خرجت إلى مدينة يقال لها قشمير وهي كبيرة عظيمة لها سور وخندق محكمان تكون مثل نصف سندابل مدينة الصين وملكها أكبر من ملك مدينة كله وأتم طاعة، ولهم أعياد في رؤوس الأهلة وفي نزول النيرين شرفهما، ولهم رصد كبير في بيت معمول من الحديد الصيني لا يعمل فيه الزمان، ويعظمون الثريا، وأكلهم البر ويأكلون المليح من السمك ولا يأكلون البيض ولا يذبحون، وسرت منها إلى كابل فسرت شهرا حتى وصلت إلى قصبتها المعروفة بطابان، وهي مدينة في جوف جبل قد استدار عليها كالحلقة دوره ثلاثون فرسخا لا يقدر أحد على دخوله إلا بجواز لان له مضيقا قد غلق عليه باب ووكل به قوم يحفظونه فما يدخله أحد إلا بإذن، والاهليلج بها كثير جدا، وجميع مياه الرساتيق والقرى التي داخل المدينة تخرج من المدينة، وهم يخالفون ملة الصين في الذباحة ويأكلون السمك والبيض ويقتل بعضهم بعضا، ولهم بيت عبادة، وخرجت من كابل إلى سواحل البحر الهندي متياسرا فسرت إلى بلد يعرف بمندورقين منابت غياض القنا وشجر الصندل ومنه يحمل الطباشير، وذلك أن القنا إذا جف وهبت عليه الريح احتك بعضه ببعض واشتدت فيه الحرارة للحركة فانقدحت منه نار فربما أحرقت منها مسافة خمسين فرسخا أو أكثر من ذلك فالطباشير الجيد الذي يساوي مثقاله مائة مثقال أو أكثر فهو شئ يخرج من جوف القنا إذا هز، وهو عزيز جدا، وما يفجر من منابت الطباشير حمل إلى سائر البلاد وبيع على أنه توتيا الهند، وليس كذلك لان التوتيا الهندي هو دخان الرصاص القلعي، ومقدار ما يرتفع منه كل سنة ثلاثة أمنان أو أربعة أمنان ولا يتجاوز الخمسة، ويباع المن منه بخمسة آلاف درهم إلى ألف دينار، وخرجت منها إلى مدينة يقال لها كولم لأهلها بيت عبادة وليس فيه صنم وفيها منابت الساج والبقم، وهو صنفان وهذا دون والآمرون هو الغاية، وشجر الساج مفرط العظم والطول ربما جاوز مائة ذراع وأكثر، والخيزران والقنا بها كثير جدا، وبها شئ منا لسندروس قليل غير جيد والجيد منه ما بالصين، وهو من عرعر ينبت على باب مدينتها الشرقي، والسندروس شبه الكهربائية وأحلها وفيها مغناطيس يجذب كل شئ إذا أحمي بالدلك، وعندهم الحجارة التي تعرف بالسندانية يعمل بها السقوف، وأساطين بيوتهم من خزر أصلاب السمك الميت ولا يأكلونه، ولا يذبحون، وأكثرهم يأكل الميتة، وأهلها يتخارون للصين ملكا إذا مات ملكهم، وليس في الهند طب إلا في هذه المدينة، وبها تعمل غضائر تباع في بلداننا على أنه طيني وليس هو صيني لان طين الصين أصلب منه وأصبر على النار وطين هذه المدينة الذي يعمل منه الغضائر المشبه بالصيني يخمر ثلاثة أيام لا يحتمل أكثر منها وطين الصين يخمر عشرة أيام ويحتمل أكثر منها، وخزف غضائرها أدكن اللون وما كان من الصين أبيض وغيره من الألوان شفافا وغير شفاف فهو معمول في بلاد فارس من الحصى ولكلس القلعي والزجاج يعجن على البوائن وينفخ ويعمل بالماسك كما ينفخ الزجاج مثل الجامات وغيرها من الأواني، ومن هذه المدينة يركب إلى عمان، وبها راوند ضعيف العمل والصيني أجود منه، والراوند
(٤٤٦)