إن فيه أصحاب الكهف والرقيم، ودفعنا فيه إلى دير وسألنا أهل الدير عنهم فأوقفونا على سرب في الجبل، فقلنا لهم: إنا نريد أن ننظر إليهم، فقالوا: أعطونا شيئا، فوهبنا لهم دينارا، فدخلوا ودخلنا معهم في ذلك السرب وكان عليه باب حديد ففتحوه فانتهينا إلى بيت عظيم محفور في الجبل فيه ثلاثة عشر رجلا مضطجعين على ظهورهم كأنهم رقود وعلى كل واحد منهم جبة غبراء كساء أغبر قد غطوا بها رؤوسهم إلى أرجلهم، فلم ندر ما ثيابهم أمن صوف أو وبر أم غير ذلك إلا أنها كانت أصلب من الديباج وإذا هي تقعقع من الصفاقة والجودة، ورأينا على أكثرهم خفافا إلى أنصاف سوقهم وبعضهم منتعلين بنعال مخصوفة، ولخفافهم ونعالهم من جودة الخزر ولين الجلود ما لم ير مثله، فكشفنا عن وجوهم رجلا بعد رجل فإذا بهم من ظهور الدم وصفاء الألوان كأفضل ما يكون للاحياء وإذا الشيب قد وخط بعضهم وبعضهم شبان سود الشعور وبعضهم موفورة شعورهم وبعضهم مطمومة وهم على زي المسلمين، فانتهينا إلى آخرهم فإذا هو مضروب الوجه بالسيف وكأنه في ذلك اليوم ضرب، فسألنا أولئك الذين أدخلونا إليهم عن حالهم فأخبرونا أنهم يدخلون إليهم في كل يوم عيد لهم يجتمع أهل تلك البلاد من سائر المدن والقرى إلى باب هذا الكهف فنقيمهم أياما من غير أن يمسهم أحد فننفض جبابهم وأكسيتهم من التراب ونقلم أظافيرهم ونقص شواربهم ثم نضجعهم بعد ذلك على هيئتهم التي ترونها، فسألناهم من هم وما أمرهم ومنذ كم هم بذلك المكان، فذكروا أنهم يجدون في كتبهم أنهم بمكانهم ذلك من قبل مبعث المسيح، عليه السلام، بأربعمائة سنة وأنهم كانوا أنبياء بعثوا بعصر واحد وأنهم لا يعرفون من أمرهم شيئا غير هذا، قال عبد الله الفقير إليه: هذا ما نقلته من كتب الثقات، والله أعلم بصحته.
الرقي: بلفظ الرقي بمعنى الصعود: موضع في شعر ليلى:
فآنست خيلا بالرقى مغيرة وقال ابن مقبل:
حتى إذا هبطت مدافع راكس ولها بصحراء الرقي توالى باب الراء والكاف وما يليهما الركاء: بوزن جمع الركوة، وهو سقاء لماء:
موضع، عن ابن دريد، وابن فارس يفتح الراء، وأنشد:
إذا بالركاء مجالس فسح وقيل: هو واد في ديار بنى العجلان، وقال ثعلب:
الركا، مقصور، في قول الراعي:
وشاقتك بالخبتين دار تنكرت معارفها إلا الرسوم البلاقعا تلوح كوشم في يدي حارثية بنجران أدمت للنسور الأشاجعا بميثاء سألت من عسيب فخالطت ببطن الركاء برقة وأجارعا (1) قال: هو واد أكثر ابن مقبل من ذكره، ومن قوله:
أأنت محيى الربع أم أنت سائله بحيث افاضت في الركاء مسايله؟
سلا القلب عن أهل الركاء فإنه على ما سلا خلانه وحلائله