ولك الكرامة ما أقمت والجباء إذا شخصت وبلادنا هذه بلاد ريف وطيب فأقم بها ما طابت لك ثم بعد ذلك فالاذن إليك، وأمر بالربيع بانزاله وإكرامه، فأقام أشهرا ثم خرج يوما يتنزه ببراثا وما يليها، فلما انصراف اجتاز إلى الصراة فلما نظر إلى مكان الأرحاء وقف ساعة يتأمله، فقال له الموكلون به:
قد أبطأت فإن كانت لك حاجة فأعلمنا إياها، فقال: شئ فكرت فيه، فانصرف، فلما كان العشى راح إلى الربيع وقال له: أقرضني خمسمائة ألف درهم، قال: وما تصنع بها؟ قال أبنى لأمير المؤمنين مستغلا يؤدى في السنة خمسمائة ألف درهم: فقال له الربيع: وحق الماضي، رحمه الله، وحياة الباقي، أطال الله بقاءه، لو سألتني أن أهبها لغلامك ما خرجت إذ ومعه، ولكن هذا أمر لا بد من إعلام الخليفة إياه وقد علمت أن ذاك كذلك.
ثم دخل الربيع على المهدى وأعلمه فقال: ادفع إليه خمسمائة ألف وخمسمائة ألف وجميع ما يريد بغير مؤامرة، قال: فدفع ذلك الربيع إليه فبنى الأرحاء المعروفة بأرحاء البطريق، فأمر المهدى أن تدفع غلتها إليه، وكانت تحمل إليه إلى سنة 163، فإنه مات فأمر المهدى أن تضم إلى مستغله، وقال: كان اسم البطريق طارات بن الليث بن العيزار بن طريف بن القوق بن مروق، ومروق كان الملك في أيام معاوية، وقال كاتب من أهل البندنيجين يذم مصر بأبيات ذكرت في مصر وبعدها:
يا طول شوقي واتصال صبابتي، ودوام لوعة زفرتي وشهيقي ذكر العراق فلم تزل أجفانه تهمي عليه بمائها المدفوق ونعيم دهر أغفلت أيامنا بالكرخ في قصف وفى تفنيق وبنهر عيسى أو بشاطئ دجلة أو بالصراء إلى رحا البطريق سقيا لتلك مغانيا ومعارفا عمرت بغير البخل والتضييق ما كان أغناه وأبعد داره عن أرض مصر ونيلها الممحوق لا تبعدن صريم عزمك بالمنى، ما أنت بالتقييد بالمخفوق فز بالرجوع إلى العراق وخلها، يمضى فريق بعد جمع فريق رحا جابر: موضع ذكر في جابر، وأنشد أبو الندى:
ذكرت ابنة السعدي ذكر ودونها رحا جابر واحتل أهلي الأداهما الرحابة: بضم أوله، وبعد الألف باء موحدة: أطم بالمدينة ومخلاف باليمن، والرحاب: الواسع، وقدر رحاب أي واسعة، بالضم.
رحا عمارة: محلة بالكوفة تنسب إلى عمارة بن عقبة بن أبي معيط.
رحا المثل: موضع، قال مالك بن الريب بعد ما أوردنا في الشبيك من قصيدته المشهورة:
فيا ليت شعري هل تغيرت الرحا، رحا المثل، أو أمست بفلج كما هيا إذا القوم حلوها جميعا وأنزلوا بها بقرا حم العيون سواجيا رعين وقد كاد الظلام يجنها، يسفن الخزامي غضه والأقاحيا