أن يشترى منهم الصاحب المحتاط والبالغ العارف، وهم بخلاف هذه الصفة، ثم مسارعتهم إلى إغاثة الملهوف ومداركة الضعيف، ثم أمرهم بالمعروف ولو كان فيه جدع الانف، منها جرير بن عبد الله صاحب أبى عبد الله جعفر بن محمد الباقر، رضي الله عنه، ومنها خليدة السجستاني صاحب تاريخ آل محمد، قال الرهني: وأجل من هذا كله أنه لعن علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، على منابر الشرق والغرب ولم يلعن على منبرها إلا مرة، وامتنعوا على بنى أمية حتى زادوا في عهدهم أن لا يلعن على منبرهم أحد ولا يصطادوا في بلدهم قنفذا ولا سلحفاة، وأي شرف أعظم من امتناعهم من لعن أخي رسول الله، صلى الله عليه وسلم، على منبرهم وهو يلعن على منابر الحرمين مكة والمدينة؟ وبين سجستان وكرمان مائة وثلاثون فرسخا، ولها من المدن زالق وكركويه وهيسوم وزرنج وبست، وبها أثر مربط فرس رستم الشديد ونهرها المعروف بالهندمند، يقول أهل سجستان: إنه ينصب إليه مياه ألف نهر فلا تظهر فيه زيادة وينشق منه ألف نهر فلا يرى فيه نقصان، وفى شرط أهل سجستان على المسلمين لما فتحوها أن لا يقتل في بلدهم قنفذ ولا يصطاد لأنهم كثير والأفاعي والقنافذ تأكل الأفاعي، فما من بيت إلا وفيه قنفذ، قال ابن الفقيه: ومن مدنها الرخج وبلاد الداور، وهي مملكة رستم الشديد، ملكه إياها كيقاوس، وبينها وبين بست خمسة أيام، وقال ابن الفقيه، بسجستان نخل كثير حول المدينة في رساتيقها وليس في جبالها منه شئ لاجل الثلج وليس بمدينة زرنج وهي قصبة سجستان لوقوع الثلج بها، وقال عبيد الله بن قيس الرقيات:
نضر الله أعظما دفنوها بسجستان طلحة الطلحات كان لا يحرم الخليل ولا يعتل بالنجل طيب العذرات وقال بعضهم يذم سجستان:
يا سجستان قد بلوناك دهرا في حراميك من كلا طرفيك أنت لولا الأمير فيك لقنا:
لعن الله من يصير إليك!
وقال آخر:
يا سجستان لا سقتك السحاب، وعلاك الخراب ثم اليباب أنت في القر غصة واكتئاب، أنت في الصيف حية وذباب وبلاء موكل ورياح ورمال كأنهن سقاب صاغك الله للأنام عذابا، وقضى أن يكون فيك عذاب وقال القاضي أبو على المسبحي:
حلولي سجستان إحدى النوب، وكوني بها من عجيب العجب وما بسجستان من طائل سوى حسن مسجدها والرطب وذكر أبو الفضل محمد بن طاهر المقدسي قال: سمعت محمد بن أبي نصر قل هو الله أحد، خوان (1)، يقول أبو داود السجستاني الامام: هو من قرية بالبصرة يقال لها سجستان وليس من سجستان خراسان، وكذلك ذكر لي بعض الهرويين في سنة نيف وثلاثين وأربعمائة