مدهون كما تدهن الغضائر في فضاء من الأرض، وإلى جانبها جبل مشرف عليها أقرع لا ينبت فيه شئ، وكانت مدينة عظيمة خرب أكثرها، واتفق أنني اجتزت في خرابها في سنة 617 وأنا منهزم من التتر فرأيت حيطان خرابها قائمة ومنابرها باقية وتزاويق الحيطان بحالها لقرب عهدها بالخراب إلا أنها خاوية على عروشها، فسألت رجلا من عقلائها عن السبب في ذلك فقال: أما السبب فضعيف ولكن الله إذا أراد أمرا بلغه، كان أهل المدينة ثلاث طوائف: شافعية وهم الأقل، وحنيفة وهم الأكثر، وشيعة وهم السواد الأعظم، لان أهل البلد كان نصفهم شيعة وأما أهل الرستاق فليس فيهم إلا شيعة وقليل من الحنفيين ولم يكن فيهم من الشافعية أحد، فوقعت العصبية بين السنة والشيعة فتظافر عليهم الحنيفية والشافعية وتطاولت بينهم الحروب حتى لم يتركوا من الشيعة من يعرف، فلما أفنوهم وقعت العصبية بين الحنفية والشافعية ووقعت بينهم حروب كانا لظفر في جميعها للشافعية هذا مع قلة عدد الشافعية إلا أن الله نصرهم عليهم، وكان أهل الرستاق، وهم حنيفة، يجيئون إلى البلد بالسلاح الشاك ويساعدون أهل نحلتهم فلم يغنهم ذلك شيئا حتى أفنوهم، فهذه المحال الخراب التي ترى هي محال الشيعة والحنفية، وبقيت هذه المحلة المعروفة بالشافعية وهي أصغر محال الري ولم يبق من الشيعة والحنفية إلا من يخفى مذهبه، ووجدت دورهم كلها مبنية تحت الأرض ودروبهم التي يسلك بها إلى دورهم على غاية الظلمة وصعوبة المسلك، فعلوا ذلك لكثرة ما يطرقهم من العساكر بالغارات ولولا ذلك لما بقي فها أحد، وقال الشاعر يهجو أهلها:
الري دار فارغه لها ظلال سابغه على تيوس ما لهم في المكرمات بازغه لا ينفق الشعر بها ولو أتاها النابغة وقال إسماعيل الشاشي يذم أهل الري:
تنكب حدة الأحد ولا تركن إلى أحد فما بالري من أحد يؤهل لاسم الأحد وقد حكى الإصطخري أنها كانت أكبر من أصبهان لأنه قال: وليس بالجبال بعد الري أكبر من أصبهان، ثم قال: والري مدينة ليس بعد بغداد في المشرق أعمر منها وان كانت نيسابور أكبر عرصة منها، وأما اشتباك البناء واليسار والخصب والعمارة فهي أعمر، وهي مدينة مقدارها فرسخ ونصف في مثله، والغالب على بنائها الخشب والطين، قال: وللري قرى كبار كل واحدة أكبر من مدينة، وعدد منها قوهذ والسد ومرجبى وغير ذلك من القرى التي بلغني أنها تخرج من أهلها ما يزيد على عشرة آلاف رجل، قال: ومن رساتيقها المشهورة قصران الداخل والخارج وبهزان والسن وبشاويه ودنباوند، وقال ابن الكلبي: سميت الري برى رجل من بنى شيلان ابن أصبهان بن فلوج، قال: وكان في المدينة بستان فخرجت بنت ري يوما إليه فإذا هي بدراجة تأكل تينا، فقالت: بور انجير يعنى أن الدراجة تأكل تينا، فاسم المدينة في القديم بور انجير ويغيره أهل الري فيقولون بهورند، وقال لوط بن يحيى:
كتب عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، إلى عمار بن ياسر وهو عامله على الكوفة بعد شهرين من فتح