الترحيب، اغتنم الأستاذ الأعظمي الفرصة وأراد أن يستخبر ميزان ثقافتي وعلمي، وما أتحلى به من العلوم الاسلامية فقال: شيخنا ما رأيكم حول كتاب (عبقرية الامام) تأليف الأستاذ المصري عباس محمود العقاد؟ ولم يكن مضى على عرض كتابه في الأسواق التجارية سوى أشهر عديدة، وقد لاقى اقبالا كبيرا بين الشباب العربي والإسلامي.
قلت: لا أخال أن الأستاذ العقاد كتب ما يشفي الغليل، إذ ليس بوسعه ولا بوسع أمة من أمثاله عرفان شخصية الامام على حقيقتها مهما جدوا واجتهدوا في ذلك. وبهذا طرأ على الأستاذ وأبنائه استغراب وتفكير، واستغرق ذلك شيئا من الوقت في جو يسوده الهدوء. فتقدمت بالكلام وقلت: تسمحون لي، قد أكون انا في كلامي أوجدت نزاعا بينكم. إذ بعد أن اترك الدار ستقوم القائمة بينكم، فتعترضون على والدكم قائلين: يا بابا! كيف يتسنى لشخص بهذه البزة وهذا الهيكل أن يقف على الغث والسمين ويتعرف على ما جاء في كتاب (عبقرية الامام)؟ وستكون إجابة الأستاذ إليكم: كلا يا أبنائي، ليس الأمر كما تزعمون، بل إن الرجل عالم من علماء أمة من المسلمين، وعلى علم بكل شئ، الا أنه لا يروقه أن يثنى على كتاب أديب سني مخالف لنزعته الدينية، وحتى لا أكون أضرمت نار الفتنة بينكم سأقوم بحسم النزاع بعد أن أعرض على الأستاذ شواهد كلامي، وان كنت مخطئا فسيتولى مناقشتي برأيه الصائب ويقضي بالحق وهو أستاذ القضاء ومربي رجالاته.
عند ذلك سألت الأستاذ الأعظمي قائلا: هل يسعنا أن نقيس الأستاذ العقاد في الفكر والنظر بواحد من العلماء أمثال: أبي نعيم الأصفهاني، الفخر الرازي، ابن عساكر، الكنجي الشافعي، أو أخطب خوارزم وأضرابهم ممن كتبوا حول الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) مؤلفا خاصا، أو تطرقوا إلى ناحية من حياته في تآليفهم؟
أجاب الأستاذ قائلا: شيخنا، من الجفاء بحق العلم والعلماء ان نقيس مائة من أمثال العقاد بواحد ممن ذكرتم، إذ ان أولئك أساطين العلم وجهابذة الفكر