الرجال، إلا أنهم لم يوفوه حقه كما قال الحجة الأميني. فلقد دون آراء لم يستطع الأولون على أن يأتوا بمثلها، فكان كما قال أبو تمام حبيب الطائي:
لا زلت من شكري في حلة * لابسها ذو سلب فاخر يقول من تقرع أسماعه * كم ترك الأول للآخر أو كما قال أبو العلاء المعري أحمد بن سليمان:
وإني وإن كنت الأخير زمانه * لآت بما لم تستطعه الأوائل إذن لا لوم علي إذا قلت: إن المؤلف قد جمع في هذه الأجزاء الثلاثة من العلوم والآداب ما صير " الغدير " عيدا شاملا لكل مؤمن، لأنه يجد أمنيته فيه من علم غزير، وفقه واسع، وأدب جم، فكان المجمع الأقوى لكل طالب علم مهما اختلفت آراؤهم، وتباينت عقائدهم، وتغيرت أفكارهم. فإن كل واحد منهم يجد فيه ضالته المنشودة، بحيث يعجز اللسان عن تبيان ما يدور في خلد كل واحد من أهل العلم، حتى يصلح هذا الكتاب الجسيم أن يكون مقصدا لأرباب الأفكار السامية والغايات المختلفة، بحيث يستطيع كل واحد أن يجد ضالته المنشودة حتى يكون رمزا حقيقيا للمؤمن الصادق لما يجده فيه من سرور متواصل، ونعيم لأتمكن الإحاطة به إحاطة تامة بوجود فرح تام عند قراءة تلك المواضيع السامية، بحيث يمكن أن يكون مرجعا تاما لكل طالب علم أو عالم متضلع مهما تكن آراؤه مختلفة، وعقائده متباينة، لأن ما يحصل من السرور بتلاوة ما كتبه الأفاضل في هذا الموضوع النبيل يصلح أن يكون دستورا خالدا لدى جميع الموحدين.
لا ريب بأن كثيرا من فطاحل العلماء لم يدونوا أفكارهم، ولم ينشروا بين الناس ما تشتمل عليه آراؤهم، وما هي عليه من نظام وعمل ينبغي أن يتأسى به كل واحد، ولكن الأستاذ الأميني الحجة قد منحه الله فضلا واسعا حتى استطاع أن يبين ما يجيش به صدره، من حقائق ناصعة وأفكار جميلة وجليلة.
ولست في مقام حمده والثناء عليه، ولكن تلك الآثار النبيلة تشهد بفضله