العرب، بل على التاريخ، فإن المداد الذي يجري من شق يراعك الثبت يستحيل - حين تشرفه بذكر الفاطميين - ألسنة من نور ناطقة بحق آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) منذ اليوم حتى تدول دولة القلم في آخر الدهر ويرث الله الأرض وما عليها.
وإنما أعتذر إليك عن تأخيري الجواب اعتذارا يسرك، حتى لتؤثره على أداء الواجب، ذلك اني كنت في الآونة الأخيرة اختلس الفترات التي يهادنني فيها المرض لأنظم " يوم الغدير " في ملحمة تناولت فيها أهل البيت منذ الجاهلية حتى ختام مأساة كربلاء، وقد أربى عدد أبياتها على ثلاثة آلاف وخمسمائة، وجعلت عنوانها " عيد الغدير " وعما قريب سأدفعها للمطبعة (1) ومما قلته في شرح مقطع " حديث الغدير ": وعندي أن أفضل المؤمنين في الغدير وأقدرهم على جمع الوثائق الصحيحة، وأوسعهم نظرا هو العالم الفاضل الشيخ عبد الحسين الأميني النجفي، وهو آية في التنقيب، وعمق الاطلاع وطول الأناة.
وهذا يا سيدي الشيخ أقل من القليل بجانب فضلك، ومقابل ما أفدت من مؤلفاتك، ولقد أشرت في الهامش إلى ما أخذته عنك عند الكلام على ابن العاص، ولو استنسبت أن آخذ عن المصادر الشيعية لجعلتك المرجع الأوحد، لأن أسفارك النفيسة ليست فقط مجمع أحاديث بل دائرة معارف يقر فيها البيان، ويطمئن التاريخ، وتنفتح آفاق المعرفة ويخضوضر الشعر، حتى لتغمر القارئ موجة من الغبطة، فلا يشعر إلا وشفتاه تهتفان بلفظتين خفيفتين على اللسان، ثقيلتين في الميزان: الله أكبر.
وقد أخذت - أكثر ما أخذت - عن الثقات من مؤرخي السنة لئلا يكون للمعترضين حجة، ويعلم الله أني لم أقل إلا حقا، فإن من يشرف قلمه بذكر أبي الحسن لأغنى الناس عن ابتداع الأساطير، وإنما يبحث عن قطرة الماء، أو يعتصر الشوك ظامئ يهيم في البيداء، ولكن جار الفراتين والنيل لا يعطش أبدا.
والأدلة على عظمة أمير المؤمنين - بل أمير العرب - لأجل من أن تحصى، وشأن