عبد الفتاح مقصود كتاب مشفوع بمقال تفضل به البحاثة الأستاذ الفذ عبد الفتاح عبد المقصود المصري مؤلف الكتاب القيم - الإمام علي - في أربع مجلدات يعرب مقاله عن ثقافة راقية، ودراية عالية، وروح شاعرة، وشعور حي، وعدل في القضاء، ورجاحة في الرأي، ونباهة في توحيد الكلمة، وبخوع بالحقائق التاريخية، فنحن نذكر المقال ونردفه بالكتاب شكرا للأستاذ، تقديرا ليراعه الثبت، وضميره الحر، وبصيرته النزهة عن رمص التقليد.
الغدير أوشك وعيي أن يضل في عالم من المعرفة فسيح، وأنا اقلب ناظري بين سطور هذا السفر وكلماته.. أهو حقا كتاب؟.. أهو " غدير "؟.. بل هو " عليم " زخر بدرره، صنوفا شتى ذات ألوان، تحار في حصرها النهى والخواطر، وتنبهر لها عيون البصائر، كلما وقعت منها على صدفة رأيتها انطوت على كنز تفرد في الكنوز وعز في الذخائر، يكاد يحسبه الرائي نسج وحده، ثم لا يلبث أن يقع على سواه أبهى وأثمن في صدفة أخرى مكنونة، ثم بعدها في صدفات، مختلفة، ومؤتلفة جمة العديد موفورة بقدر ما ضم غور البحر من قطرات مائه، وما غشى الشاطئ من حبات حصبائه...
وكان " الأميني " هو الغواص الذي وكل بالكشف عن الفرائد الغوالي حتى لهم أن يجرد منها الأغوار!.. ثم كان الجوهري ذا اليد الصناع، يؤلف ويصنف من القلائد الخوالد ما لم يدع بعدها فتنة للأنضار!..
هذا جهد يجل عن الطاقة، لم تنؤ به همة المؤلف الجليل، ولم يقعد دون شأوه اصطباره، ولقد ظلت أعجب - وحق لي - كيف وسعه أن يخضع وقته لبحث طوف به نيفا وألفا ونصفا من الأعوام؟ غير آيس ولا ملول، منقبا فيها عن كل هذه التحف الذهنية التي هم غبار الزمن أن يغيبها عن أعين هذا الجيل!.. ولكنه صبر