ضد الحاجة بالنسك والزهادة.. وفي الجبن الذي يذل القلوب فارتمى على الموت أينما ثقفه في كل موطن وحين، حتى أذل دولته وهزم هيبته وغدا أسطورة الأساطير في شجاعة الشجعان. وفي الجهل الذي يميت المشاعر فعب من نبع - لبني زمنه وما تلاه من أزمان - نبراسا للمعرفة ونورا للنهي والعقول ليس كمثله نور... كان الخير في نظره مطلوبا لذاته، لا صفقة تجارية يقدر قبل عقدها الربح والخسارة!..
كان له وسيلة وغاية في آن، وسيلة تجب ما عداها من الوسائل، وغاية ليس بعدها من غاية لضمير الإنسان الكامل، إنه مطلب البشر الذي يجرد بهم نشدانه، العالم بغيره سوق ضلالة، والإنسانية مباءة جهالة!..
ثم مالي أطنب؟ وما هذه سوى عجالة أملاها التقدير لم تملها رغبة في الترجيح أو في التقرير... إن فضل الإمام معلوم مشهور وسبقه على الأقران غير منكور. ولكنها جمحة لقلمي، عسى أن يتقبلها أستاذنا " الأميني " الجليل فيتقبل خطابا هتا من " الصورة العقلية " التي استطاع جهدي المحدود أن يستخلصها لأمير المؤمنين من ثنايا التاريخ. ولنا عوض عن قصورنا: هذه " الصورة النقلية " المكتملة التي بدت لنا زاهية نضرة من خلال أسطر " الغدير "...
المخلص عبد الفتاح عبد المقصود كتاب بعد كتاب أتانا من الخطيب المفوه الأستاذ محمد نجيب زهر الدين العاملي مدرس العلوم الدينية في الكلية العاملية ببيروت، بالغ بهما في الثناء على كتابنا " الغدير " ومما جاء في كتابه الأول قوله: فإني من أشد المعجبين بفضلكم، المشيدين بآثاركم ومآثركم، وأبحاثكم الطريفة المفيدة، وفوائدكم التي ظهرت واضحة جلية، وبرزت ساطعة قوية في كتابكم الجليل الخالد، ومؤلفكم العظيم النادر: " الغدير " السفر الذي بز الأسفار، والذي كشفتم به النقاب عن وجه الحق المقنع، وجلوتم به