ناظرا طيلة حياته إلى كل تلكم الحوادث والرزايا والمصائب الحالة بساحة أهل بيته وأعزائه وأفلاذ كبده.
فمرة يلتزم عليا سيد عترته وابن عمه وأبا ولده... " وعن ابن عباس قال:
خرجت أنا والنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وعلي (عليه السلام) في حيطان المدينة، فمررنا بحديقة فقال علي (عليه السلام):
ما أحسن هذه الحديقة يا رسول الله! فقال: حديقتك في الجنة أحسن منها، ثم أومأ بيده إلى رأسه ولحيته، ثم بكى حتى علا بكاؤه. قيل: ما يبكيك؟ قال: ضغائن في صدور قوم لا يبدونها لك حتى يفقدوني " وجاء هذا الحديث في ألفاظ أخرى.
ومرة يضم (صلى الله عليه وآله وسلم) أبا محمد الحسن السبط إلى صدره ويقبله من فمه وسرته لما يتذكر بأن أحشاءه من فمه إلى سرته ستقطع بالسم النقيع.
ويضم الحسين السبط إليه ويشمه ويقبله ويقبل منه مواضع السيوف والرماح والطعون، ويخص من جوارحه بالقبلة شفتيه، علما منه بأنهما ستضربان بالقضيب أو يأخذ تربته - تربة كربلاء - ويشمها ويبكي، وفي لسانه ذكر مقتله ومصرعه وهو يقول: ريح كرب وبلاء.
وأنه (صلى الله عليه وآله وسلم) يخبر الصديقة الطاهرة بأنها أسرع لحوقا به من أهل بيته يسرها هذا النبأ وتأنس به، وإن هو إلا لعلمها بأن حياة آل محمد حفت بالمكاره والقوارع والطامات، ماذا تصنع الزهراء بالحياة؟ وهي ترى أباها (صلى الله عليه وآله وسلم) طيلة حياته حليف الشجون، قد قضى حياته بعين عبرى، وقلب مكمد محزون. يقيم لحسينه السبط المأتم من لدن ولادته وهلم جرا يوم كان رضيعا وفطيما وفتيا، وقد اتخذ الله بيوت نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) دار حزن وبكاء منذ ولد ريحانة رسول الله الحسين العزيز.
وقد ورد في الكتاب عدة صور لمآتم الحسين في بيوت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، ومنها:
مأتم الميلاد: أقيم هذا المأتم في أول ساعة من ولادة الشهيد المفدى.
عن أسماء بنت عميس قالت: " قبلت جدتك فاطمة بالحسن والحسين، فلما ولد الحسن - الحديث بطوله... إلى قولها: - فلما ولد الحسين فجاءني النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: يا أسماء هاتي ابني، فدفعته إليه في خرقة بيضاء، فأذن في اذنه اليمنى، وأقام في