فان طريقتهم في الانتقاد تخالف ما عليه جماهير النقاد، وتسرعهم إلى الطعن بلا سبب ظاهر، مما يريب اللبيب الماهر. ولم يلتفت أحد من أئمة الحديث والرجال إلى ما قاله الشيخان المذكوران في هذا المجال، بل المستفاد من تصريحاتهم وتلويحاتهم تخطئتهما في ذلك المقال:
قال الشيخ ابن الغضائري: " زيد الزراد وزيد النرسي رويا عن أبي عبد الله - عليه السلام - قال أبو جعفر ابن بابويه: إن كتابهما موضوع وضعه محمد بن موسى السمان. وغلط أبو جعفر في هذا القول، فاني رأيت كتبهما مسموعة عن محمد بن أبي عمير ".
وناهيك بهذه المجاهرة في الرد من هذا الشيخ الذي بلغ الغاية في تضعيف الروايات والطعن في الرواة، حتى قيل: إن السالم من رجال الحديث من سلم منه، وإن الاعتماد على كتابه في الجرح طرح لما سواه من من الكتب. ولولا أن هذا الأصل من الأصول المعتمدة المتلقاة بالقبول بين الطائفة، لما سلم من طعنه وغمزه - على ما جرت به عادته في كتابه الموضوع لهذا الغرض - فإنه قد ضعف فيه كثيرا من أجلاء الأصحاب المعروفين بالتوثيق، نحو إبراهيم بن سليمان بن حيان، وإبراهيم بن عمر اليماني وإدريس بن زياد وإسماعيل بن مهران وحذيفة بن منصور وأبي بصير ليث المرادي، وغيرهم من أعاظم الرواة وأصحاب الحديث، واعتمد في الطعن عليهم - غالبا - أمورا لا توجب قدحا فيهم، بل في رواياتهم كاعتماد المراسيل، والرواية عن المجاهيل، والخلط بين الصحيح والسقيم، وعدم المبالاة في أخذ الروايات، وكون رواياتهم مما تعرف - تارة - وتنكر - أخرى - وما يقرب من ذلك.
هذا كلامه في مثل هؤلاء المشاهير الاجلة، وأما إذا وجد في أحد ضعفا بينا أو طعنا ظاهرا - وخصوصا إذا تعلق بصدق الحديث - فإنه