الفوائد الرجالية - السيد بحر العلوم - ج ٢ - الصفحة ٢٥٧
" أعيان العصر وأعوان النصر " - مخطوط في مكتبة عاطف أفندي باستانبول - فقال: " الحسين بن يوسف بن المطهر الشيخ الامام العلامة ذو الفنون جمال الدين ابن المطهر الأسدي الحلي المعتزلي، عالم الشيعة، والقائم بنصرة تلك الأقاويل الشنيعة صاحب التصانيف التي اشتهرت في حياته، ودلت على كثرة أدواته، وكان ريض الاخلاق حليما، قائما بالعلوم العقلية حكيما، طار ذكره في الأقطار، واقتحم الناس إليه المخاوف والاخطار، وتخرج به أقوام، ومرت عليه السنون والأعوام، وصنف في الحكمة، وخلط في الأصول النور والظلمة، وتقدم في آخر أيام (خدابنده) تقدما زاد جده، وفاض على الفرات مده، وكان له إدرارات عظيمة وأملاك لها في تلك البلاد قدر جليل وقيمة، ومماليك أتراك، وحفدة يقع الشر معهم في أشراك، وكان يصنف وهو راكب، ويزاحم بعظمته الكواكب، ثم إنه حج وانزوى، وخمل بعد الرهج وانطوى، ولم يزل بالحلة على حاله إلى أن قطع الموت دليله، ولم يجد حوله من حوله حيلة، وتوفي - رحمه الله - في شهر الله محرم سنة ٧٢٥ ه، وقيل: سنة ٧٢٦ ه وقد ناهز الثمانين، ومن تصانيفه: شرح مختصر ابن الحاجب وهو مشهور في حياته وإلى الآن، وله كتاب في الإمامة، رد عليه العلامة، تقي الدين بن تيمية في ثلاث مجلدات كبار، وكان (أي ابن تيمية) يسميه: ابن المنجس وله كتاب: الاسرار الخفية في العلوم العقلية ".
فترى الصفدي يسميه (الحسين) مع أن اسمه المشهور (الحسن) وتراه يتحامل عليه بكلمات بذيئة، ولا لوم عليه ولا على ابن تيمية وأمثالهما ممن انحرفوا عن أهل البيت - عليهم السلام - فان كل إناء ينضح بما فيه.
وأما مشايخ العلامة - رحمه الله - في القراءة والرواية، فهم كثيرون، فقد قرأ على جم غفير من علماء عصره - من العامة والخاصة - منهم: والده سديد الدين يوسف، ويروي عنه إجازة، وخاله المحقق الحلي صاحب كتاب الشرائع، وكان له بمنزلة الأب الشفيق، وكان تلمذه عليه أكثر من سواه، فهل من بحر علمه حتى ارتوى، لا سيما في الفقه والأصول اللذين امتاز فيهما عمن سواه، والمحقق خواجة نصير الدين الطوسي قرأ عليه في العقليات والرياضيات، ونحوها، وكمال الدين ميثم البحراني شارح (نهج البلاغة) - ويروي عنه - والسيد جمال الدين أحمد بن طاووس، وأخوه السيد رضي الدين علي بن طاووس.
ويروي هو عن خلق كثير - من الخاصة والعامة - منهم - من سبق، ومنهم - الشيخ محمد بن نما، على ما قاله الشيخ إبراهيم القطيفي في إجازته للأمير معز الدين محمد بن تقي الدين محمد الأصبهاني، ولكن الأفندي في (رياض العلماء) تنظر فيما قاله القطيفي المذكور في إجازته هذه، ومنهم -: الشيخ مفيد الدين محمد بن علي ابن الجهم الحلي الأسدي، والسيد احمد العريضي، ونجيب الدينيحيى بن أحمد ابن يحيى بن الحسن بن سعيد الهذلي الحلي، ابن عم المحقق المعروف يحيى بن سعيد صاحب كتاب (الجامع) والحسن (أو الحسين) بن علي بن سليمان البحراني الستري.
هؤلاء بعض مشايخه من علماء الشيعة، أما من غيرهم فيروي عن: نجم الدين سمر بن علي الكاتبي القزويني الشافعي المعروف بدبيران المنطقي، تلميذ المحقق الطوسي - وهو صاحب (الشمسية في المنطق) والتصانيف الكثيرة - ومحمد بن محمد ابن احمد الكيشي المتكلم الفقيه ابن أخت قطب الدين محمد العلامة الشيرازي، والشيخ برهان الدين النسفي المصنف في الجدل وغيره كثيرا، والشيخ جمال الدين حسين بن أبان النحوي المصنف في الأدب، والشيخ عز الدين الفاروقي الواسطي من فقهاء العامة، والشيخ تقي الدين عبد الله بن جعفر بن علي الصباغ الحنفي الكوفي.
وأما تلاميذه - في القراءة والرواية - فهم كثيرون جدا، منهم: السيد مهنا ابن سنان المدني، وتاريخ الإجازة في المحرم سنة ٧٢٠ ه بالحلة كما في (رياض العلماء)، وولده فخر الدين محمد، قرأ عليه ويروي عنه إجازة، وابنا أخته السيد عميد الدين، والسيد ضياء الدين عبد الله الأعرجيان الحسينيان، قرءا عليه ويرويان عنه إجازة، والشيخ رضي الدين أبو الحسن علي بن أحمد المزيدي، والشيخ زين الدين أبو الحسن علي بن أحمد بن طراد المطار آبادي، والسيد تاج الدين محمد بن القاسم ابن معية، والسيد تاج الدين حسن السرابشنوي، والسيد محمد بن علي الجرجاني شارح المبادي لشيخه العلامة، قرأ عليه ويروي عنه إجازة، والشيخ تقي الدين إبراهيم بن الحسين بن علي الآملي، وتاريخ الإجازة سنة ٧٠٩ ه، كما في (رياض العلماء) وقطب الدين محمد بن محمد الرازي - صاحب شرح المطالع والشمسية المتوفى سنة ٧٦٦ ه كما قاله المجلسي الثاني في كتاب الإجازات الملحق بآخر البحار - فإنه قال:
" وجدت بخط الشيخ محمد بن علي الجباعي، قال: وجدت بخط الشيخ شمس الدين محمد بن مكي على كتاب قواعد الاحكام ما صورته: من خط مصنف الكتاب إجازة للعلامة قطب الدين محمد بن محمد الرازي صاحب شرح المطالع والشمسية " ثم ذكر صورة الإجازة المتضمنة أن قطب الدين قرأ (قواعد الاحكام) على مصنفه العلامة قراءة بحث وتدقيق... (الخ) وتاريخ الإجازة ثالث شعبان سنة ٧١٣ ه بناحية وارمين، والمعروف أن القطب قرأ على العلامة في الفقه، وقرأ عليه العلامة في المعقول.
وممن يروي عنه أيضا: أولاد زهرة، وهم: كل من أبي الحسن علاء الدين علي بن أبي إبراهيم محمد بن أبي علي الحسن بن أبي المحاسن (زهرة الحسيني) وولده شرف الدين أبي عبد الله الحسين بن علي بن أبي إبراهيم محمد، وأخيه بدر الدين أبي عبد الله محمد بن أبي إبراهيم، وابن بدر الدين. وهو أمين الدين أبو طالب أحمد ابن محمد، وابنه الاخر وهو عز الدين أبو محمد الحسن بن محمد، فقد أجاز هؤلاء الخمسة من آل زهرة بإجازة كبيرة مبسوطة تاريخها (٢٥) شهر شعبان سنة ٧٢٣ ه ذكرها المجلسي في (كتاب الإجازات) الملحق بآخر اجزاء البخار (ص ٢١) طبع إيران سنة ١٣١٥ ه.
وقد ذكر المترجم له في آخر (الخلاصة) في الرجال (ص ٢٨٢) طبع النجف الأشرف في الفائدة العاشرة -: طرق رواياته إلى الكشي، والنجاشي، والشيخ الصدوق ابن بابويه، والشيخ الطوسي، فراجعها.
وقد نسب إليه صاحب (روضات الجنات) جملة من الاشعار عثر عليها في مجموعة، منها قوله - وقد كتبه إلى نصير الدين الطوسي في صدر كتاب وأرسله إلى عسكر السلطان (خدا بنده) مسترخصا للسفر إلى العراق من السلطانية - وهي بلدة تقع بين قزوين وهمدان أسسها السلطان (خدا بنده) وتم بناؤها سنة ٧١١ ه واتخذها مقرا له - قال:
محبتي تقتضي مقامي * وحالتي تقتضي الرحيلا هذان خصمان لست أقضى * بينهما خوف أن أميلا ولا يزالان في اختصام * حتى نرى رأيك الجميلا وكتب إلى ابن تيمية لما وصله كتابه (منهاج السنة) في الرد عليه:
لو كنت تعلم كلما علم الورى * طرا لصرت صديق كل العالم لكن جهلت فقلت إن جميع من * يهوى خلاف هواك ليس بعالم ويقول صاحب (رياض العلماء): " رأيت بعض أشعاره ببلدة (أردبيل) وهي تدل على جودة طبعه في أنواع النظم ".
وأما ولادته، ووفاته، ومدفنه، فقد ولد - رحمه الله - في (٢٩) شهر رمضان سنة ٦٤٨ ه كما ذكره هو نفسه في (خلاصة الأقوال: ص ٤٥ طبع النجف الأشرف). وأما ما جاء في رياض العلماء للأفندي: من أنه قال - في جواب أسئلة السيد مهنا بن سنان المدني ما نصه: " وأما مولد العبد فالذي وجدته بخط والدي - قدس الله روحه - ما صورته: ولد ولدي المبارك أبو منصور الحسن بن يوسف ابن مطهر ليلة الجمعة في الثلث الأخير من الليل (٢٧) رمضان من سنة ٦٤٨ ه - فان اشتباه سبع بتسع في يوم الولادة قريب، كما ذكره سيدنا الحجة المحسن الأمين العاملي في أعيان الشيعة: (ج ٢٤ ص ٢٧٨).
وتوفي - رحمه الله - ليلة السبت (٢١) من المحرم ٧٢٦ ه، كما هو موجود بخط الشيخ بهاء الدين محمد بن علي بن الحسن العودي العاملي الجزيني - تلميذ الشهيد الثاني - على هامش نسخة من (الخلاصة) عند سيدنا الأمين العاملي - كما ذكر - قابل النسخة المذكورة الشيخ بهاء الدين المذكور على نسخة الشيخ يحيى ابن الشيخ فخر الدين ابن العلامة المصنف - رحمه الله -، عن (٧٨) سنة وأربعة أشهر الا تسعة أيام.
وعن خط الشهيد الأول - رحمه الله - " أنه توفي يوم السبت (٢١) من المحرم سنة ٧٢٦ ه، وكانت وفاته بالحلة المزيدية ونقل إلى النجف الأشرف، فدفن في حجرة عن يمين الداخل إلى الحضرة الشريفة من جهة الشمال، وقبره ظاهر معروف يزار إلى اليوم ".
هذا في عهد الشهيد الأول، وأما في هذه الأيام فقد فتح - عند تعمير الروضة العلوية - باب ثان من الإيوان الذهبي بجنب المنارة الشمالية يفضي الباب إلى الرواق العلوي وصارت الحجرة المذكورة ممرا للزائرين، وقد اقتطع منها حجرتان صغيرتان: إحداهما لمقبرة العلامة الحلي - رحمه الله - وعليها شباك فولاذي فصارت مقبرة خاصة به، وهي على يمين الداخل إلى الرواق المطهر، والحجرة الثانية على شمال الداخل لمقبرة المرحوم سادن الحضرة العلوية السيد الجليل السيد رضا الرفيعي المقتول سنة ١٢٨٦ ه وبعض أحفاده السدنة - رحمهم الله -، وعليها أيضا شباك فولاذي وفي (توضيح المقاصدللشيخ البهائي المطبوع بإيران) ما لفظه: " الحادي والعشرون من المحرم فيه توفي الشيخ العلامة جمال الملة والحق والدين الحسن بن مطهر الحلي - قدس الله روحه - وذلك في سنة 726 ه، وكانت ولادته في (29) من شهر رمضان سنة 648 ه ".
وعليه فما في (نقد الرجال) للتفريشي: من أنه توفي حادي عشر المحرم، ومثله ما في (رياض العلماء) نقلا عن (نظام الأقوال) للمولى نظام الدين القرشي، فهو تحريف نشأ من قراءة (حادي عشري) المحرم (حادي عشر) المحرم، فان عشري هنا تحذف النون منها للإضافة، فلاحظ.
الحسين بن المختار القلانسي: من أصحاب الصادق والكاظم عليهما السلام كثير الرواية عنهما. درج أقوال الرجاليين القدماء في توثيقه، حتى الشيخ في (فهرسته) إلا أنه في (رجاله) رماه بالوقف وتبعه ابن شهرآشوب وابن داود والعلامة. واعترض البهائي على الشيخ في ذلك. وبالنتيجة: إثبات توثيقه بعدة مؤيدات