إليه بعد اعتبار العدالة للأمن من غلبة السهو والغفلة الموجبة لكثرة وقوع الخلل في النقل على سبيل الخطأ دون العمد. والمراد: نفي الغلبة الفاحشة الزائدة على القدر الطبيعي الذي لا يسلم منه أحد غير المعصوم وهو أمر عدمي طبيعي ثابت بمقتضى الأصل والظاهر معا، والحاجة إليه بعد اعتبار العدالة ليست إلا في فرض نادر بعيد الوقوع، وهو أن يبلغ كثرة السهو والغفلة حدا يغفل معه الساهي عن كثرة سهوه وغفلته، أو يعلم ذلك من نفسه، ولا يمكنه التحفظ مع المبالغة، وإلا فتذكره لكثرة سهوه مع فرض العدالة يدعوه إلى التثبت في مواقع الاشتباه، فيأمن من الغلط.
وربما كان الاعتماد على مثل هذا أكثر من الضابط، فإنه لا يتكل على حفظه فيتوقف، بخلاف الضابط المعتمد على حفظه، وهذا كالذكي الحديد الخاطر، فإنه يتسرع إلى الحكم، فيخطئ كثيرا، وأما البطئ فلعدم وثوقه بنفسه ينعم النظر غالبا فيصيب، وليس الداعي إلى التثبت منحصرا في العدالة، فان الضبط في نفسه أمر مطلوب مقصود للعقلاء معدود من الفضائل والمفاخر، وكثير من الناس يتحفظون في أخبارهم، ويتوقفون