والتطبيق الثاني ما إذا كان الشك في المكلف به ناشئا من تردد المكلف به أو متعلقه بين مجموعة من الموارد. كما لو شك المكلف من أن الصلاة المكلف بها ظهر يوم الجمعة هل هي صلاة الظهر أو صلاة الجمعة، أو علم بوجود إناء للخمر بين مجموعة من الأواني، وعلم بوجوب الاجتناب عنه، إلا أنه تردد في تمييز إناء الخمر عن غيره، و لم يتمكن من تشخيصه وفرزه عن غيره من الأواني.
تنجيز العلم الاجمالي:
وليس من شك أن العلم الاجمالي بالمكلف به أو بمتعلقه ينجز التكليف على المكلف كما كان العلم التفصيلي ينجز ذلك، ولا فرق بين العلم التفصيلي والاجمالي في ذلك فإن التنجيز كما ذكرنا من لوازم القطع بالحكم الشرعي سواء كان علم المكلف بالحكم الشرعي و متعلقه تفصيليا أو إجماليا، فإن القطع بالحكم الشرعي لا ينفك عن الحجية والحجية لا تنفك عن المنجزية والمعذرية. ولكن هل التنجيز هنا على نحو العلية أو الاقتضاء، وإذا كان التنجيز على نحو العلية فهل يختص ذلك بمورد حرمة المخالفة القطعية أو تعم مورد حرمة المخالفة القطعية والموافقة القطعية أبحاث معمقة أفاض فيها علماء الأصول. والذي يهمنا نحن من ذلك كله إن هذه القاعدة العقلية تجري بصورة قطعية في كل صور الشك في المكلف به سواء كان الشك في المكلف به من ناحية الامتثال أو من ناحية تردد المكلف به أو متعلقاته بين أفراد متباينة أو تردده بين الأقل والأكثر (فيما إذا كان مصداقا للشك في المكلف به لا الشك في التكليف).
محمد مهدي الآصفي