الخبر ومتنه ودلالته ورفع تعارضه وغير ذلك، إذ ليست حجة ما لم تتعلق بالأدلة الخمسة، والأدلة لا تكون حجة بدون تلك الظنون، و قس على ذلك شرائط سائر الأدلة مع تلك الأدلة.
ومما ذكر ظهر أيضا أنه إذا وقع التعارض بين الضعيف المنجبر بالشهرة والصحيح الغير المنجبر، يكون الضعيف مقدما عليه، كما هو طريقة القدماء وأكثر المتأخرين - كما لا يخفى على المطلع والتنبيه على مواضع تقديمهم إياه عليه يوجب بسطا طويلا غاية الطول - خصوصا بعد ملاحظة أن العدالة عندهم شرط في قبول الخبر، فمع وجود الشرط في الصحيح، وعدمه في الضعيف لا يعدلون منه إليه إلا لداع عظيم، بعد ملاحظة كونهم من أهل الخبرة والمهارة وقرب العهد بالأئمة عليهم السلام، وكونهم مشايخ الإجازة، ومؤسسي مذهب الشيعة، ومتكفلي أيتام الأئمة عليهم السلام بعد الغيبة، وفقهاء الشيعة في الحضور والغيبة، ومجددي دين الرسول صلى الله عليه وآله و سلم في كل قرن ورأس كل مائة، وحجج الله على العباد بالنص من الأئمة عليهم السلام، والحكام عليهم بنصهم عليهم السلام في مقبولة ابن حنظلة ورواية أبي خديجة، إلى غير ذلك مما ورد في شأنهم أو ظهر من حالتهم، وخصوصا بعد ملاحظة تحريمهم التقليد على المجتهد، وإيجابهم استفراغ الوسع وأمرهم بالاحتياط ومبالغتهم فيه وفي الاهتمام به وعدم المسامحة.
هذا مع نهاية كثرتهم وموافقة كل منهم الاخر، مع غاية الاختلاف بينهم في تأسيس الأصول، وتفريعهم الفروع، بل الواحد منهم كثر اختلافه في الفقه فكيف المجموع؟ إلى غير ذلك مما ذكرنا في حجية إجماعهم في (الفوائد) و (الرسالة)، فلاحظ وتأمل جدا.