يكون عليه الاحتياط مهما أمكنه، وقد عرفت أن الاجتهاد و التقليد إنما يكونان في نظريات الدين والمذهب لا ضرورياتهما، وأن الضروريات لا فرق فيها بين المجتهد والمقلد.
وأما مقام الخروج عن عهدة التكليف، فقد عرفت أيضا أن الذمة إذا صارت مشغولة فلا بد من اليقين في تحصيل براءتها، للاجماع و الاخبار، مثل قولهم: (ولا تنقض اليقين إلا بيقين مثله) وغيره، ولما يظهر من تتبع تضاعيف الأخبار الواردة في مقام تحقق الامتثال و الخروج عن العهدة أنه بمجرد الشك في الفعل لا يكون ممتثلا، بل بالظن أيضا إلا في مواضع مخصوصة.
وأيضا ثبت - من العقل والنقل والآيات القرآنية والأخبار المتواترة والاجماع من جميع المسلمين بل المليين - وجوب إطاعة الشارع، بل كل أمر ونهي منه يقتضي وجوب إطاعته، ومعلوم أن الإطاعة من جملة موضوعات الاحكام التي مرجعها إلى العرف، واللغة. ومعلوم أن معناها هو الاتيان بما أمر به، فلا يكفي احتمال الاتيان ولا الظن به، لان الظن بالاتيان غير نفس الاتيان، والآتيان هو الايجاد واقعا، فعلى هذا لا يكفي الشك بالبراءة ولا الظن، إلا أن يكون الشارع يرضى بهما، ويثبت منه ذلك.
ومما ذكرنا علم أنه إن استيقن بأن عليه فريضة فاتته، فلا يعلمها بخصوصها أنها الظهر أو الصبح، أو يعلم أن عليه فريضة، ولم يعلم أنها فائتة، أو حاضرة، مثل: أنه لا يدري أنها الظهر أو صلاة الزلزلة، يجب عليه أن يأتي بهما جميعا حتى يتحقق الامتثال.
ولا يتوهم أحد أن الاتيان بالثانية زيادة في الدين، لان الواجب عليه كان واحدا لا غير، فيكون تشريعا. لان التشريع هو: إدخال ما ليس في