والاعتراض بالمخالفة من نفس المدعي أو غيره أيضا ليس بشئ، لان الأدلة والامارات كلها أو جلها لا تخلو عن ذلك، وسيما الأحاديث والعلوم اللغوية، بل ربما يتحقق المخالفة في غاية الكثرة كما في تخصيص العمومات، واستعمال الامر في غير الوجوب وغير ذلك.
مع أنه ربما كان الحكمان صدرا عنهم عليهم السلام واتفق على كل واحد طائفة إلى أن يحصل القطع كما في العمل بخبر الواحد. لا يقال:
الخبر حسي، والاجماع حدسي.
لأنا نقول: ما دل على حجية خبر الواحد يشمل الامرين معا، مع أن المكاتبة حدسي، والمنقول بالمعنى أيضا كذلك حدسي، وكثير من الاخبار طريق أخذها الحدس - كما حقق في الأصول والدراية - مع أن جميع أخبار الآحاد يتوقف على الأصول والظواهر، كما عرفت، فتأمل.
وأما الشهرة بين الأصحاب فاختلف في حجيتها، والمشهور عدم الحجية، وإن كانت مرجحة للحجة.
وقال بعض الفقهاء مثل (الشهيد) رحمه الله وغيره بحجيتها محتجا:
بأن عدالتهم تمنع من الاقتحام في الفتوى من غير دليل.
و أجيب: بأن الخطأ جائز عليهم. وفيه: أن هذا مانع عن القطع، وأما الظن فالظاهر أنه ليس بمانع عنه، إلا أن يقال بعدم حجية أمثال هذه الظنون، وسيجئ الكلام في ذلك في ملحقات الفوائد.
مع أن المشهور أن الشهرة ليست بحجة، فكيف تصير حجة؟ ومع ذلك لا ينبغي مخالفة المشهور، لما ذكر، ولما تتبعت و وجدت أن لما ذهب إليه المشهور حجة واضحة متينة، إلا ما شذ وندر، ولعله في الشاذ