من الحكم - يحصل الفقه ويعرفه من جهته، ويعرف أن الفقه من أين حصل.
وأما المقلدون العاملون فكل واحد منهم من أول الامر [يقرأ] فقه المجتهد ويرسخ في ذهنه غاية الرسوخ، كما أنه يحصل في ذهنه كثير من الشرع أيضا بالتظافر والتسامع، ثم يشرع بعد ذلك في الحديث والآية ويريد أن يجتهد، فلا يفهم منهما سوى ما رسخ في ذهنه، فديدنه فهم الدليل على حسب ما رسخ في ذهنه، عكس المجتهد، فربما يفهم من لفظ الأرض معنى السماء، ومن الضب معنى النون، فيزعم أنه مثل المجتهد يحصل له الفقه من الدليل، ولا يتفطن بأن أمره بالعكس، ومن جهة عدم تفطنه بمباني الفقه والفهم يخرب الفقه كثيرا، ففي الموضع الذي يجب أن لا يتعدى ربما يتعدى قياسا على الموضع الذي يجب فيه التعدي، وربما يعكس الامر، ومع ذلك يشنع على الفقهاء بأنهم يتعدون، ويقيسون، ويقولون ما لا يعلمون، وربما يتمسكون بالشبهات التي تمسك بها السوفسطائية في إبطال البديهيات، في إبطال الاجماع أشرنا إليها وإلى شائعها في رسالة منفردة في الاجماع.
وربما ينكرون مطلق الاجماع بأن ناقل الاجماع ليس بمعصوم، فربما أخطأ في فهمه الاجماع، ولا يفرقون بين نفس الاجماع ومطلقه، وبين المنقول بخبر الواحد منه. والأول: متفق عليه بين الأصحاب. و الثاني: مختلف فيه وإن كان المشهور حجيته أيضا.
مع أن الخطأ وقع في الأحاديث كثيرا غاية الكثرة، ومع ذلك