ومع ذلك متى اطلعنا على الامر بشئ آخر يتبادر الوجوب.
فإذا سمعنا: - اغسل ثوبك من أبوال ما لا يؤكل لحمه - نفهم منه الوجوب الشرطي، لأجل مثل الصلاة، والاستعمالات، مع أن مدلوله الوجوب الشرعي بعنوان الوجوب لنفسه.
ومع ذلك نفهم من لفظ الثوب أن البدن أيضا كذلك، وكذا موضع السجدة، والمساجد، والمصاحف، والضرائح، وغير ذلك.
ومن استماع لفظ البول نفهم أن الغائط، والمني، والدم وغيرها من النجاسات أيضا كذلك.
ومن لفظ اغسل الظاهر في الوجوب لنفسه - لا الوجوب لغيره - و الظاهر في الوجوب الشرعي لا الوجوب الشرطي، بل وجميع أحكام النجاسات مثل التحريم إن وقع في اللبن وأمثال ذلك من المطعومات والمشروبات، وغير ذلك مما لا يحصى كثيرة، ونفهم تلازم جميع تلك الأحكام. كل ذلك من لفظ اغسل الذي ليس مدلوله سوى إجراء الماء أو المياه المضافة على الموضع، مع أنه لم يرد حديث على أن أحكام النجاسة الشرعية ما هي وأنها متلازمة، فضلا أن يفهم الجميع من مجرد لفظ اغسل.
مع أنه صرح صاحب (المدارك) بأن وجوب الغسل ليس وجهه منحصرا في النجاسة، ولذا لا يفهم النجاسة في كل موضع ورد فيه لفظ اغسل. وأيضا إذا سمعنا أن الدم مثلا إذا وقع في مرقة أنه حرم تلك المرقة نفهم جميع أحكام النجاسة من حرمة الشرب وغيرها، وفي جميع المائعات والمياه المضافة، مع أنه لم يرد نص على أن كل مائع ينفعل، فضلا عن كل ماء مضاف، مع أنا