حتى أن (الكليني) رحمه الله مع غاية قرب عهده، ونهاية مهارته في الحديث، وشدة جهده في التحصيل، والتنقيح، والتصحيح اعترف في أول كتابه بالعجز عن درك هذه المرجحات إلا ما قل، فكيف الحال بالنسبة إلينا في هذا الزمان؟ وبالجملة: كثير من المرجحات لا يظهر أصلا، وما يظهر فإنما يظهر علينا بعنوان الظنون التي لم يرد فيها وفي حجيتها خبر أصلا، بل ربما كانت ظنونا ضعيفة. فلاحظ.
ويرد على الأخباريين أيضا: أنهم وإن كانوا يطعنون إلا أنهم يقلدونهم من حيث لا يشعرون، في أنهم أيضا ربما لا يقتصرون على النصوص، بل ولا يراعون الترتيب الوارد فيها أصلا، بل ولا يعتدون ببعض المنصوص مطلقا. مثل: الاخذ بالأحدث.
كما أنهم في مقام الجمع بين الاخبار أيضا يتعدون عن النصوص، مثلا:
إذا ورد خبر بالامر بشئ وآخر بالنهي عن ذلك الشئ يحملونهما على الكراهة، ويخرجون عن مدلول كلا الخبرين، ويفتون بما هو خارج عنهما معا. مع أن النصوص الصريحة في هذا أنه يعمل بالتراجيح ثم الاحتياط والتوقف.
وبالجملة ديدنهم الخروج عن المنصوص، وعن النصوص الواردة في العلاج معا.
وأيضا يرد عليهم: أن الأخبار الواردة في تعارض الاخبار وكيفية علاج المتعارضين متعارضة جدا كما ستعرف.