حالة مطابقة ثابتة في جميع العصور. وعلى هذا الأساس ادعوا أن من اللطف الواجب على الله أن يجعل على كل حكم شرعي دليلا واضحا ما دام الانسان مكلفا والشريعة باقية.
5 - عامل الزمن، وأعني بذلك أن الفاصل ألزمني بين الفكر الفقهي وعصر النصوص كلما اتسع وازداد تجددت مشاكل وكلف علم الأصول بدراستها، فعلم الأصول يمنى نتيجة لعامل الزمن وازدياد البعد عن عصر النصوص بألوان من المشاكل، فينمو بدراستها والتفكير في وضع الحلول المناسبة لها.
ومثال ذلك أن الفكر العلمي ما دخل العصر الثاني حتى وجد نفسه قد ابتعد عن عصر النصوص بمسافة تجعل أكثر الاخبار والروايات التي لديه غير قطعية الصدور، ولا يتيسر الاطلاع المباشر على صحتها كما كان ميسورا في كثير من الأحيان لفقهاء العصر الأول، فبرزت أهمية الخبر الظني ومشاكل حجيته، وفرضت هذه الأهمية واتساع الحاجة إلى الاخبار الظنية على الفكر العلمي أن يتوسع في بحث تلك المشاكل ويعوض عن قطعية الروايات بالفحص عن دليل شرع يدل على حجيتها وإن كانت ظنية، وكان الشيخ الطوسي رائد العصر الثاني هو أول من توسع في بحث حجية الخبر الظني وإثباتها.
ولما دخل العلم في العصر الثالث أدى اتساع الفاصل ألزمني إلى الشك حتى في مدارك حجية الخبر ودليلها الذي استند إليه الشيخ في مستهل العصر الثاني، فإن الشيخ استدل على حجية الخبر الظني بعمل أصحاب الأئمة به، ومن الواضح أنا كلما ابتعدنا عن عصر أصحاب الأئمة ومدارسهم يصبح الموقف أكثر غموضا والاطلاع على أحوالهم أكثر صعوبة. وهكذا بدأ الأصوليون في مستهل العصر الثالث يتساءلون هل يمكننا أن نظفر بدليل شرعي على حجية الخبر الظني أو لا؟ وعلى هذا الأساس وجد في مستهل