ترتبط بتلك المسألة ويدرس قيمة تلك الروايات ويحاول فهم نصوصها وألفاظها على ضوء العرف العام. بينما يتناول الأصولي البحث عن حجية العرف العام بالذات والبحث عن حجية الخبر، ويطرح أسئلة ليجيب عليها من هذا القبيل.
هل العرف العام حجة؟ وما هو مدى النطاق الذي يجب الرجوع فيه إلى العرف العام؟ وبأي دليل نثبت حجية الخبر؟ وما هي الشروط العامة في الخبر الذي منحه الشارع صفة الحجية واعتبره دليلا؟ إلى غير ذلك من الأسئلة التي تتصل بالعناصر المشتركة في عملية الاستنباط.
وعلى هذا الضوء نستطيع أن نفهم التعريف الذي أعطيناه لعلم الأصول، إذ قلنا: " إن علم الأصول هو العلم بالعناصر المشتركة في عملية الاستنباط " أي إنه علم يبحث عن العناصر التي تدخل في عمليات استنباط متعددة لاحكام مواضيع متنوعة، كحجية الظهور العرفي وحجية الخبر، العنصرين المشتركين اللذين دخلا في استنباط أحكام الصوم والخمس والصلاة.
ولا يحدد علم الأصول العناصر المشتركة فحسب، بل يحدد أيضا درجات استعمالها في عملية الاستنباط والعلاقة القائمة بينها، كما سنرى في البحوث المقبلة انشاء الله تعالى. وبهذا يضع للعملية الاستنباطية نظامها العام الكامل.
ونستخلص من ذلك أن علم الأصول وعلم الفقه مرتبطان معا باستنباط الحكم الشرعي، فعلم الفقه هو علم نفس عملية الاستنباط، وعلم الأصول علم العناصر المشتركة في عملية الاستنباط. والفقيه يمارس في علم الفقه عملية استنباط الحكم الشرعي بإضافة العناصر الخاصة للعملية في البحث الفقهي إلى العناصر المشتركة التي يستمدها من علم الأصول، والأصولي يدرس في علم الأصول العناصر المشتركة في عملية الاستنباط ويضعها في خدمة الفقيه.