إذن عنصر مشترك في عمليات الاستنباط الثلاث. كذلك أيضا يوجد عنصر مشترك آخر، وهو أمر الشارع باتباع روايات الثقات، لان الفقيه في كل عملية من عمليات الاستنباط الثلاث كان يواجه نصا يرويه ثقة قد يحتمل فيه الخطأ والشذوذ لعدم كونه معصوما ولكنه تجاوز هذا الاحتمال وأخرجه من حسابه استنادا إلى أمر الشارع باتباع روايات الثقات، وهو ما نطلق عليه اسم " حجية الخبر ". ومعنى هذا أن حجية الخبر عنصر مشترك في عمليات الاستنباط الثلاث، ولولا هذا العنصر المشترك لما أمكن للفقيه أن يستنبط حرمة الارتماس في الموقف الأول، ولا عدم وجوب الخمس من رواية علي بن مهزيار في الموقف الثاني، ولا بطلان الصلاة بالقهقهة في الموقف الثالث.
وهكذا نستنتج أن عمليات الاستنباط للاحكام في الفقه تشتمل على عناصر خاصة كما تشتمل على عناصر مشتركة، ونعني بالعناصر الخاصة تلك العناصر التي تتغير من مسألة إلى مسألة، فرواية يعقوب بن شعيب عنصر خاص في عملية استنباط حرمة الارتماس، لأنها لم تدخل في عمليات الاستنباط الأخرى، بل دخل بدلا عنها عناصر خاصة أخرى، كرواية علي بن مهزيار ورواية زرارة. ونعني بالعناصر المشتركة القواعد العامة التي تدخل في عمليات استنباط أحكام عديدة على مواضيع مختلفة، كعنصر حجية الظهور وعنصر حجية الخبر.
وفي علم الأصول تدرس العناصر المشتركة في عملية الاستنباط التي لا يقتصر ارتباطها على مسألة فقهية خاصة بالذات. وفي علم الفقه تدرس العناصر الخاصة بكل عملية من عمليات الاستنباط في المسألة التي ترتبط بتلك العملية.
وهكذا يترك للفقيه في كل مسألة أن يفحص بدقة الروايات الخاصة التي