المتألهين ويتحدث معه فيما يتعلق بنظرياته في الفلسفة الإلهية العالية ويتلقى منه الجواب بصورة مشروحة وبعرض قصصي جميل.
ولا أبالغ إذا قلت: إن الكتاب فتح كبير في الكتابة الفلسفية فلا تشكو الفلسفة شيئا كما تشكو الكتابة التي لا تخضع لها أداتها.
وقد حاول الشيخ المظفر أن يخضع الكتابة للفلسفة، أو يخضع الفلسفة للكتابة، ويجمع بينهما في كتابه هذا.
وتمتاز كتابات الشيخ المظفر بعد ذلك بروعة العرض والتنسيق، حتى أن كل نقطة من البحث تأتي في موضعها الطبيعي ولا تتغير عن مكانها الخاص حتى تختل أطراف البحث، ويبدو عليه الاضطراب ويتجلى توفيق الكاتب في التنسيق في كتاب " المنطق " أكثر من غيره، ففي هذا الكتاب يجد القارئ كيف تأخذ المواضيع بعضها برقاب بعض، وكيف يترتب كل موضوع على سابقه في تسلسل طبيعي، من غير أن يحيل الطالب إلى موضوع آخر في غير هذا الكتاب أو إلى ما يمر عليه فيما بعد.
ويعتبر الكتاب بالانضمام إلى شقيقاته: " الأصول " و " الفلسفة " التي لم يقدر الله لها أن تظهر كاملة... تجديدا في كتابة الكتب الدراسية، وفتحا في هذا الباب، وعسى أن يقيض الله من يتابع خطوات الشيخ المظفر في هذا السبيل.
ويجد الباحث بعد ذلك في كتب الشيخ المظفر جدة البحث والتفكير التي تطبع كتاباته جميعا.
ويجد ملامح هذه الجدة في البحث والتحليل واضحة قوية في كتابه " السقيفة " عندما يحلل اجتماع المسلمين في سقيفة بني ساعدة، وما حدث هناك.
وعندما يتحدث عن موقف المهاجرين والأنصار من مسألة الخلافة وموقف الإمام مع الخلفاء.
كما يجد هذه الجدة في المنطق. عندما يستعير العلامات المستعملة في الرياضيات للنسب الأربع أو عندما يعرض للقارئ بحث القسمة، أو في غير ذلك مما يزدحم به هذا السفر القيم من تجديد البحث وجمال العرض وترابط الفكرة.