ولم يعرف الشيخ الفقيد حينا من الزمن معنى لكلمة " أنا " ولما يلابس هذه الكلمة من بغض وحب في غير ذات الله.
فقد كانت نفسه الكبيرة تضيق بما يسمى ب " البغض " ولا تعرف معنى للخصومة والعداء، فاستمع إليه كيف يحدد موقفه من خصومه أو بالأحرى من خصوم المؤسسة "... وأنا أكثر إخواني عذرا لجماعة كبيرة ممن وقف موقف المخاصم لمشروعنا ولا سيما الذين نطمئن إلى حسن نواياهم ويطمئنون إلى حسن نوايانا ".
وقلما نعهد أن تبلغ التضحية ونكران الذات فيمن رأينا من أصحاب الأفكار هذا الحد... في سبيل الفكرة التي يؤمن بها الإنسان.
وإن من أحب الأشياء إلي أن أختم هذا الحديث بهذه الجملة الرقيقة التي تشف عن نفسية كاتبها الكبيرة: " ونحن مستعدون لتضحية جديدة بأنفسنا فنتنحى عن العمل عندما نجد من يحبون أن ينهضوا به دوننا خصوصا إذا اعتقدوا أنهم سيعطون المشروع صبغة عامة بدخولهم وليثقوا أنا عمال للمشروع أينما كنا ومهما كانت صبغتنا فيه، ولا نريد أن نبرهن بهذا القول على حسن نوايانا. إن هذا لا يهمنا بقليل ولا كثير بعد الذي كان، إنما الذي يهمنا أن ينهض المشروع نهضة تليق بسمعة النجف ويؤدي الواجب الملقى على عاتقه كاملا، وبأي ثمن، حتى إذا كان ثمنه أرواحنا، وما أرخصها في سبيل الواجب!
وقد صرحنا مرارا أننا لم نخط حتى الآن إلا خطوة قصيرة في سبيل ما يقصد من أهدافه ". وكذلك كانت قصة النفس الكبيرة.
محمد مهدي الآصفي