أمتي ما لا يعلمون " هو الجهل بالحكم الشرعي، وبوصول خبر الثقة يرتفع الجهل بتعبد من ناحية الشارع، فإن المكلف يبقى من الناحية التكوينية لا محالة شاكا بالحكم الواقعي الشرعي، وجاهلا به ولا ينفي خبر الثقة الواحد جهله وشكه تكوينا وبالوجدان، ولكن بما أن الشارع تعبدنا بحجية خبر الثقة وأتم الكشف الناقص الموجود في هذه الأمارة فإن وصول خبر الثقة إلى المكلف يرفع الجهل بالحكم الواقعي الشرعي لدى المكلف بتعبد وتشريع من ناحية الشرع، ومع انتفاء الجهل تعبدا ينتفي موضوع الأصل فيثبت الدليل الاجتهادي ويتقدم على الدليل الفقاهتي ولا يعارضه الدليل الفقاهتي، وهو يختلف عن طريقة تقدم خبر الواحد الثقة على الأصول العقلية فإن خبر الثقة بعد ثبوت حجيته من الشرع بيان من دون شك وهو يرفع موضوع البراءة العقلية - مثلا - وهو اللا بيان بصورة تكوينية قطعا.
وهذه " الحكومة " على ما اصطلح عليه الشيخ (رحمه الله) نحو آخر من تقدم الأمارات على الأصول العملية.
العلاقة بين الأصول العملية:
ويتحدث الشيخ بعد ذلك عن العلاقة بين الأصول العملية نفسها، فإن من الممكن أن تتعارض الأصول العملية بعضها مع بعض، وهذا التعارض يكون بين الاستصحاب وسائر الأصول العملية (البراءة والاحتياط والتخيير) أو بين استصحابين.
العلاقة بين الاستصحاب والأصول العقلية:
أما في العلاقة بين الاستصحاب والأصول العقلية (البراءة العقلية والتخيير والاحتياط) فالاستصحاب لا محالة يكون واردا على هذه الأدلة بموجب مصطلح الشيخ، ورافعا لموضوعها حقيقة رفعا تكوينيا، لأن الاستصحاب حينئذ يعتبر بيانا من الشارع، ومع وجود البيان ينتفي موضوع البراءة العقلية، وهو " عدم البيان " بصورة تكوينية، وموضوع الاحتياط عدم الأمن من العقاب في ارتكاب