ولما عرفنا أن المعنى لابد من تصوره وأن تصوره على نحوين - فإنه بهذا الاعتبار وباعتبار ثان هو أن المعنى قد يكون خاصا، أي جزئيا، وقد يكون عاما، أي كليا - نقول: إن الوضع ينقسم إلى أربعة أقسام عقلية:
1 - أن يكون المعنى المتصور جزئيا والموضوع له نفس ذلك الجزئي، أي أن الموضوع له معنى متصور بنفسه لا بوجهه. ويسمى هذا القسم " الوضع خاص والموضوع له خاص ".
2 - أن يكون المتصور كليا والموضوع له نفس ذلك الكلي، أي أن الموضوع له كلي متصور بنفسه لا بوجهه. ويسمى هذا القسم " الوضع عام والموضوع له عام ".
3 - أن يكون المتصور كليا والموضوع له أفراد ذلك الكلي لا نفسه، أي أن الموضوع له جزئي غير متصور بنفسه بل بوجهه. ويسمى هذا القسم " الوضع عام والموضوع له خاص ".
4 - أن يكون المتصور جزئيا والموضوع له كليا لذلك الجزئي.
ويسمى هذا القسم " الوضع خاص والموضوع له عام ".
إذا عرفت هذه الأقسام المتصورة العقلية، فنقول:
لا نزاع في إمكان الأقسام الثلاثة الأولى، كما لا نزاع في وقوع القسمين الأولين. ومثال الأول الأعلام الشخصية، كمحمد وعلي وجعفر.
ومثال الثاني أسماء الأجناس، كماء وسماء ونجم وإنسان وحيوان.
وإنما النزاع وقع في أمرين: الأول في إمكان القسم الرابع، والثاني في وقوع الثالث بعد التسليم بإمكانه. والصحيح عندنا: استحالة الرابع، ووقوع الثالث، ومثاله: الحروف وأسماء الإشارة والضمائر والاستفهام ونحوها، على ما سيأتي.