وإذا ترجح القول الثاني - وهو التصرف في ظهور الشرطين في الانحصار - يكون كل من الشرطين مستقلا في التأثير. فإذا انفرد أحدهما كان له التأثير في ثبوت الحكم. وإن حصلا معا، فإن كان حصولهما بالتعاقب كان التأثير للسابق، وإن تقارنا كان الأثر لهما معا ويكونان كالسبب الواحد، لامتناع تكرار الجزاء حسب الفرض.
وأما النحو الثاني - وهو ما إذا كان الجزاء قابلا للتكرار - فهو على صورتين:
1 - أن يثبت بالدليل أن كلا من الشرطين جزء السبب. ولا كلام حينئذ في أن الجزاء واحد يحصل عند حصول الشرطين معا.
2 - أن يثبت من دليل مستقل أو من ظاهر دليل الشرط أن كلا من الشرطين سبب مستقل، سواء كان للقضية الشرطية مفهوم أم لم يكن. فقد وقع الخلاف فيما إذا اتفق وقوع الشرطين معا في وقت واحد أو متعاقبين أن القاعدة أي شئ تقتضي؟ هل تقتضي تداخل الأسباب فيكون لها جزاء واحد كما في مثال تداخل موجبات الوضوء من خروج البول أو الغائط والنوم ونحوهما، أم تقتضي عدم التداخل فيتكرر الجزاء بتكرر (1) الشروط كما في مثال تعدد وجوب الصلاة بتعدد أسبابه من دخول وقت اليومية وحصول الآيات؟
أقول: لا شبهة في أ أنه إذا ورد دليل خاص على التداخل أو عدمه وجب الأخذ بذلك الدليل. وأما مع عدم ورود الدليل الخاص فهو محل الخلاف.
والحق أن القاعدة فيه عدم التداخل.
بيان ذلك: إن لكل شرطية ظهورين:
1 - ظهور الشرط فيها في الاستقلال بالسببية. وهذا الظهور يقتضي