الشرط. ولكن التعارض إنما هو بين مفهوم كل منهما مع منطوق الآخر، كما هو واضح، فلابد من التصرف فيهما بأحد وجهين:
الوجه الأول: أن نقيد كلا من الشرطين من ناحية ظهورهما في الاستقلال بالسببية - ذلك الظهور الناشئ من الإطلاق (كما سبق) الذي يقابله التقييد بالعطف بالواو - فيكون الشرط في الحقيقة هو المركب من الشرطين، وكل منهما يكون جزء السبب، والجملتان تكونان حينئذ كجملة واحدة مقدمها المركب من الشرطين، بأن يكون مؤداهما هكذا:
" إذا خفي الأذان والجدران معا فقصر ".
وربما يكون لهاتين الجملتين معا حينئذ مفهوم واحد، وهو انتفاء الجزاء عند انتفاء الشرطين معا أو أحدهما، كما لو كانا جملة واحدة.
الوجه الثاني: أن نقيدهما من ناحية ظهورهما في الانحصار - ذلك الظهور الناشئ من الإطلاق المقابل للتقييد بأو - وحينئذ يكون الشرط أحدهما على البدلية، أو الجامع بينهما على أن يكون كل منهما مصداقا له، وذلك حينما يمكن فرض الجامع بينهما ولو كان عرفيا.
وإذ يدور الأمر بين الوجهين في التصرف، فأيهما أولى؟ هل الأولى تقييد ظهور الشرطيتين في الاستقلال، أو تقييد ظهورهما في الانحصار؟
قولان في المسألة.
والأوجه - على الظاهر - هو التصرف الثاني، لأن منشأ التعارض بينهما هو ظهورهما في الانحصار الذي يلزم منه الظهور في المفهوم، فيتعارض منطوق كل منهما مع مفهوم الآخر، كما تقدم. فلابد من رفع اليد عن ظهور كل منهما في الانحصار بالإضافة إلى المقدار الذي دل عليه منطوق الشرطية الأخرى، لأن ظهور المنطوق أقوى. أما ظهور كل من الشرطيتين في الاستقلال فلا معارض له حتى ترفع اليد عنه.