ولو كان الوجوب والندب من قبيل المعنيين للصيغة لكان ذلك في الأغلب من باب استعمال اللفظ في أكثر من معنى وهو مستحيل، أو تأويله (1) بإرادة " مطلق الطلب " البعيد إرادته من مساق الأحاديث، فإنه تجوز - على تقديره - لا شاهد له ولا يساعد عليه أسلوب الأحاديث الواردة.
تنبيهان:
الأول: ظهور الجملة الخبرية الدالة على الطلب في الوجوب.
اعلم أن الجملة الخبرية في مقام إنشاء الطلب شأنها شأن صيغة " افعل " في ظهورها في الوجوب، كما أشرنا إليه سابقا بقولنا: " صيغة افعل وما شابهها ".
والجملة الخبرية مثل قول: يغتسل، يتوضأ، يصلي، بعد السؤال عن شئ يقتضي مثل هذا الجواب، ونحو ذلك.
والسر في ذلك: أن المناط في الجميع واحد، فإنه إذا ثبت البعث من المولى بأي مظهر كان وبأي لفظ كان، فلابد أن يتبعه حكم العقل بلزوم الانبعاث مالم يأذن المولى بتركه.
بل ربما يقال: إن دلالة الجملة الخبرية على الوجوب آكد، لأ نهى في الحقيقة إخبار عن تحقق الفعل بادعاء أن وقوع الامتثال من المكلف مفروغ عنه.
الثاني: ظهور الأمر بعد الحظر أو توهمه.
قد يقع إنشاء الأمر بعد تقدم الحظر - أي المنع - أو عند توهم الحظر، كما لو منع الطبيب المريض عن شرب الماء، ثم قال له: " اشرب الماء " أو قال ذلك عندما يتوهم المريض أنه ممنوع منه ومحظور عليه شربه.