قيل لهم: قد تصح الشهادة بما لا يشاهد من المعلومات، كشهادتنا بتوحيد الله تعالى، وعدله ونبوة أنبيائه، إلى غير ذلك مما يكثر تعداده.
ولو قيل أيضا: فعلى من تكون الشهادة إذا كان جميع أهل الاعصار هم الشهداء (1)؟
قلنا: تكون شهادتهم على من لا يستحق ثوابا، ولا يدخل تحت القول من الأمة؟، ويصح أيضا أن يشهدوا على باقي الأمم الخارجين عن الملة، وكل هذا غير مستبعد.
ويمكن أيضا ان يقال في أصل تأويل الآية: ان قوله تعالى: [جعلناكم أمة وسطا] (2) إذا سلم ان المراد به جعلناكم عدولا خيارا، لا يدل أيضا على ما يريد الخصم، لأنه لم يبين هل جعلهم عدولا في كل أقوالهم وافعالهم، أو في بعضها؟
فالقول محتمل وممكن أن يكون تعالى أراد انهم عدول فيما يشهدون به في الآخرة، أو في بعض الأحوال.
فان رجع راجع إلى أن يقول: اطلاق القول يقتضى العموم وليس هو بأن يحمل على بعض الأحوال أو الأمور (3) أولى من بعض، فقد مضى الكلام على ما يشبه هذا مستقصى (4).
فاما حملهم " الأمة " على النبي صلى الله عليه وآله وسلم في باب الشهادة وكونه حجة من فيها، فلم يكن قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم حجة من حيث كان شهيدا، بل من حيث كان نبيا ومعصوما، فتشبيه أحد الامرين بالآخر من البعيد.
ومما يسقط التعلق (5) بالآية أيضا: ان قوله تعالى (لتكونوا شهداء على الناس)، يقتضى حصول واحد منهم بهذه الصفة، لان ما جرى هذا المجرى من